من قول الأدون أقوى ؛ لأنّ المناط في الرجحان والمرجوحيّة في حكم العقل هو الرجحان الشخصي متى لم يقم دليل قطعي عنده على عدم الاعتداد به ، ومن ذلك يظهر : أنّ منع الأردبيلي في محكي المجمع (١) عن الملازمة المزبورة استنادا إلى إمكان وجود الرجحان في قول المفضول أحيانا ليس بقادح في الاستدلال.
ومنها : ما عن الفاضل في النهاية (٢) من أنّ الأعلم له مزية ورجحان على الأدون ، فيقدّم كما قدّم في الصلاة. وهذا إن رجع إلى قاعدة الأخذ بأقوى الأمارتين فهو ، وإلاّ ـ كما هو الظاهر من التنظير بالصلاة ـ فلا نرى له وجها. ومع ذلك فلا يفيد إلاّ الاستحباب.
ولو قال مكان قوله : « كما قدم في الصلاة » ، « كما قدم في الإمامة » لكان أولى.
ومنها : أنّ تجويز تقليد المفضول تسوية بينه وبين الأفضل وينفيها قوله تعالى : ( ... هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ... )(٣). وربما عكس الاستدلال به على الجواز ، كما أشرنا إليه في ذكر حجج المثبتين ، وإلى ما فيه من المناقشة.
وهذا ختم الكلام في تنقيح أصل المسألة. بقي الكلام في أطرافها ويتمّ في بيان امور :
الأوّل : لا يذهب عليك أنّه على فرض تماميّة أدلّة المجوّزين يجوز للعامي الرجوع إلى الأدون ابتداء من دون الرجوع إلى الأعلم ؛ لأنّ المسألة من الخلافيّات التي وظيفتها الاجتهاد أو التقليد ، ولا سبيل للمقلّد إلى الأوّل ؛
__________________
(١) مجمع الفائدة ١٢ : ٢١.
(٢) نهاية الوصول : ٤٤٧.
(٣) الزمر : ٩.