واحتجّ ابن إدريس رحمهالله على ما ذهب إليه من التفصيل ـ من التعدّد عند اختلاف الأجناس وعدمه عند الاتّحاد ـ بدعوى الصدق على الثاني ، وبإطلاق السببيّة على الأوّل.
قال في محكيّ السرائر في مسألة تكرّر الكفّارة عند تكرّر وطء الحائض ـ بعد أن اختار العدم ـ : الأصل براءة الذمّة ، وأمّا العموم فلا يصحّ التعلّق به في مثل هذه المواضع ، لأنّ هذه أسماء أجناس (١). وقال في بحث السجود ما يظهر منه الوجه المذكور ـ إلى أن قال ـ : فأمّا إذا اختلف الجنس فالأولى عندي بل الواجب الإتيان عند كلّ جنس بسجدتي السهو ، لعدم الدليل على تداخل الأجناس (٢) ، انتهى.
والإنصاف أنّه لا وجه للتفصيل المزبور ؛ إذ بعد الإذعان بامتناع توارد الأسباب والعلل على معلول واحد ، لا بدّ من القول بأنّ العلّة هو القدر المشترك بين تلك الأجناس المختلفة على وجه لا مدخليّة لخصوصيّات تلك الأجناس ، كما لا مدخليّة لخصوصيّات أفراد تلك الأجناس وأشخاصها ، على ما أشرنا إلى تحقيقه إجمالا. وحينئذ فإمّا نقول بعدم التداخل نظرا إلى الدليل المذكور ، أو لا نقول بواسطة تطرّق المنع إلى إحدى مقدّماته. وعلى التقديرين لا وجه للتفصيل ، فدعوى الصدق في متّحد الجنس تناقض دعوى الإطلاق في متعدّده.
__________________
(١) السرائر ١ : ١٤٤.
(٢) السرائر ١ : ٢٥٨.