وكيف كان ، فيحتمل رجوع هذه الكلمات إلى المقدّمة الثانية ، كما يحتمل رجوعها إلى الثالثة ، وعلى الأوّل فقد استوفينا ما عندنا ، وعلى الثاني نقول : قد قرّرنا في المقدّمة السابقة أنّ متعلّق التكاليف حينئذ هو الفرد المغاير للفرد الواجب بالسبب الأوّل ، ولا يعقل تداخل فردين من ماهيّة واحدة ، بل ولا يعقل ورود دليل على التداخل أيضا على ذلك التقدير ، إلاّ أن يكون ناسخا لحكم السببيّة.
وأمّا تداخل الأغسال فبواسطة تداخل ماهيّاتها ، كما كشف عنه رواية الحقوق (١) ، مثل تداخل الإكرام والضيافة فيما إذا قيل : « إذا جاء زيد فأكرم عالما وإن سلّم عليك فأضف هاشميّا » فعند وجود السببين يمكن الاكتفاء بإكرام العالم الهاشمي على وجه الضيافة فيما لو قصد امتثال الأمرين في التعبّديّات ، وأين ذلك من تداخل الفردين؟
لا يقال : إنّ تعدّد الأسباب يحتمل أن يكون كاشفا عن تعدّد ماهيّات المسبّبات أيضا ، فيصحّ دعوى الاكتفاء.
لأنّا نقول : ظهور لفظ المسبّب في ماهيّة واحدة ممّا لا يقبل الإنكار. ولو سلّمنا فلا يجدي ، لعدم العلم بالتصادق لإمكان المباينة ، فالقاعدة قاضية بالتعدّد.
وما ذكرنا محصّل الدليل المذكور. ولهم وجوه أخر كلّها مزيّفة لا فائدة في إيرادها ، فليراجع الى فوائد السيّد السند بحر العلوم (٢). وممّا ذكرنا يظهر احتجاج القائل بالتداخل أيضا من الأصل وغيره ، فلا نطيل بالإعادة.
__________________
(١) راجع الوسائل ١ : ٥٢٦ ، الباب ٤٣ من أبواب الجنابة ، الحديث الأوّل.
(٢) الفوائد الاصوليّة : ١١٩.