وأمّا الكلام في المقدّمة الثالثة (١) القائلة بأنّ تعدّد الأثر يوجب تعدّد الفعل ولا يكفي إيجاد فعل واحد في مقام فعلين ، فلم أر مصرّحا بدعوى الكفاية بعد تسليم المقدّمتين السابقتين.
نعم ، لا يبعد حمل كلام المحقّق الخوانساري (٢) على ذلك وإن احتمل رجوعه إلى منع الثانية أيضا ، حيث قال : إنّ الظاهر اقتضاء كلّ من الأسباب مسمّى الغسل ، وهو متحقّق في ضمن فرد واحد. ولا يخفى احتماله للوجهين.
وربما يمكن استفادته من بعض الأعلام أيضا ، فإنّه عوّل في استفادة التعدّد في الأوامر الابتدائيّة على ما هو خارج عن مقتضى اللفظ ، حيث أجاب عمّا أورد على نفسه : من أنّ قضيّة إطلاق المادّة عدم التعدّد لكفاية المسمّى فمن أين يجيء التقييد؟ بقوله : يمكن استناد ذلك إلى ضمّ أحد الأمرين إلى الآخر (٣) ، فإنّ الفرق بين الأوامر الابتدائيّة والمسبوقة بالأسباب من هذه الجهة غير معقول ، وإن كان يظهر منه الفرق لكن بدعوى ظهور الابتدائيّة في التعدّد دون العكس ، كما أشرنا إليه.
ومن الغريب! قوله في جواب السؤال المذكور : بل لا يبعد القول في المقام بإسناد الفهم المذكور إلى خصوص كلّ من الأمرين ، لقضاء كلّ منهما باستقلاله في إيجاب الطبيعة ووجوب الإتيان بها من جهته ، وقضيّة ذلك تعدّد الواجبين المقتضي للزوم الإتيان بهما كذلك (٤). فإنّ دعوى ذلك في غير ذوات الأسباب لا أعرف الوجه فيها.
__________________
(١) تقدّمت في الصفحة : ٥٩.
(٢) مشارق الشموس : ٦٨.
(٣ و ٤) هداية المسترشدين ١ : ٧٠٤.