الدالّ على السببيّة ، فتكون تلك الوجوبات كلّ واحد منها في عرض الآخر ، فهناك إيجابات متعدّدة في موارد متعدّدة بواسطة الكلام الدالّ على السببيّة ، ويتفرّع عليها وجوبات متعدّدة على وجه التعليق ، وبعد حصول المعلّق عليه ـ وهو وجود السبب ـ يتحقّق الاشتغال بأفراد متعدّدة. ويمكن أن يجاب بالتزام أنّها أسباب لنفس الأفعال لا لأحكامها.
قوله : « ضرورة لزوم الانفكاك » (١).
قلنا : إنّ الجنابة ـ مثلا ـ سبب جعليّ لا عقليّ ولا عاديّ ، ومعنى السبب الجعلي هو أنّ لها نحو اقتضاء في نظر الجاعل للغسل مثلا على وجه لو انقدح في نفوسنا لكنّا جازمين بالسببيّة ، يكشف عن ذلك ملاحظة قولك لعبدك : « إذا جاء زيد من السفر فأضفه » فإنّ للضيافة نحو ارتباط بالمجيء ، فالقول بأنّها ليست بأسباب لنفس الأفعال ، لا وجه له ؛ ولذا اشتهر في الأفواه والألسن : أنّ أسباب الغسل والوضوء كذا. إلاّ أنّ الإنصاف أنّه لا يسمن (٢) فإنّ معنى جعليّة السبب ليس إلاّ مطلوبيّة المسبّب عند وجود السبب.
والارتباط المدّعي بين الشرط والجزاء حيث يكون الجزاء (٣) من الأفعال الاختياريّة هو كون الشرط موردا لانتزاع أمر يصحّ جعله غاية للفعل المذكور ، كما يظهر بملاحظة قولك : « إذا قدم زيد من السفر فأضفه » فإنّ السفر مورد لما هو الغاية ولو على وجه انتزاعي كما لا يخفى ، فالتعويل في دفع المنع المذكور على ما ذكرنا.
__________________
(١) أي : قول المحقّق النراقي المتقدّم في الصفحة : ٦٨.
(٢) في ( ع ) : « لا يثمر ».
(٣) في ( ع ) : « الفعل ».