مفهوم الصفة حجّة عندهم كيف يقيّدون بها ، فما هذا إلاّ التناقض؟ وأجاب عن ذلك : بأنّ مفهوم الوصف إمّا أن يكون في مقابله مطلق ـ كما في المثال المذكور ـ أو لا ، ففي الأوّل قالوا بالحجيّة ، وفي الثاني قالوا بعدم الحجّيّة ، فلا تناقض (١).
وفيه : أنّ حمل المطلق على المقيّد إنّما هو من جهة المنطوق من غير ملاحظة المفهوم ، بل لو فرض اعتبار المفهوم فلقائل أن يقول بعدم الجمل.
أمّا الأوّل ، فلأنّ محصّل الحمل هو أنّ المراد من المطلق هو المقيّد ، فيكون غير المقيّد في قولك : « اعتق رقبة مؤمنة » غير واجب ، بمعنى أنّ اللفظ المذكور والإنشاء الخاصّ لا يدلّ على وجوبه مطلقا ، سواء كان وجوبا عينيّا أو وجوبا تخييريّا. أمّا الأوّل فلأنّ الوجوب العيني إنّما هو متعلّق بالمقيّد فلا يكون المطلق وغيره من أفراده المخالفة للمقيّد واجبا عينيّا. وأمّا الثاني فلأنّ الوجوب التخييري إنّما هو من فروع تعلّق الوجوب العيني بالمطلق ، وقد فرضنا خلافه.
ولا ينافي ذلك ورود دليل آخر يدلّ على وجوب غير المقيّد عينا فيما إذا كان غير المطلق ؛ إذ على تقديره فلا بدّ من حمله أيضا ، إذ لا فرق بين تعدّد الأمر بالمطلق واتّحاده ، نعم يدلّ على عدم تعلّق الوجوب التخييري ، فلو دلّ دليل على ثبوته غير الإطلاق نقول بتعارضه. ولا سبيل إلى توهّم أنّ نفي الوجوب التخييري من جهة المفهوم ، فإنّ ذلك من مقتضيات الحمل ؛ ولذلك نقول به في اللقب أيضا ، كما لا يخفى.
وأمّا الثاني ، فلأنّا لو قلنا بثبوت المفهوم للوصف كان التعارض بين المطلق والمقيّد من قبيل تعارض الظاهرين ، وقد تقرّر في مقامه : من أنّه لا بدّ في مثله من التوقّف والحكم بمقتضى الاصول العمليّة ، فلا سبيل إلى الحمل ؛ لأنّه فرع
__________________
(١) لم نعثر عليه.