والظاهر في المسح جوازه ؛ أخذا بالإطلاقات ، والحكم بالتوسعة فيه في القويّ.
ولا ينافيه ورود جواز الوجهين خاصّة ؛ إذ لا دلالة فيه على المنع من غيرهما إلّا أنّ الوقوف عليه هو الأحوط.
ثالثها : إنّ الغسل من الأعلى يتصور على وجوه :
منها : أن يكون غسل كلّ جزء من الأعلى قبل الأسفل ممّا يجاوز أو غيره حقيقة أو عرفا.
منها : أن يكون غسل كلّ جزء من الأعلى قبل ما يحاذيه من الأسفل.
منها : أن يكون البدأة بالأعلى من دون ملاحظة ذلك في سائر الأجزاء.
منها : أن يكون البدأة بالأعلى مع صدق الغسل من الأعلى إلى الأسفل عرفا من دون اعتبار تقدّم غسل كلّ جزء على لا حقه.
وهذا هو الظاهر من الأخبار ، وفيما دلّ على المنع عن ردّ الماء دلالة صريحة على عدم جواز النكس في البعض ، فالواجب إنّما هو الغسل من الأعلى إلى الأسفل وإن اتّفق غسل شيء من الأسفل قبل أعلاه.
ويدلّ عليه رواية سهل بن اليسع ، وقد سأل الرضا عليهالسلام عن الرجل يبقى من وجهه إذا توضّأ موضع لم يصبه الماء : « إنّه يجزيه أن يبلّه من بعض جسده » (١).
ونحوه مرسلة الصدوق عن الكاظم عليهالسلام.
وعن الشهيد الثاني (٢) : إنّ المعتبر في الغسل الأعلى فالأعلى ، لكن لا حقيقة لتعسّره أو تعذّره ، بل عرفا فلا يضرّ المخالفة اليسيرة.
وقال أيضا : وفي الاكتفاء بكون كلّ جزء من العضو لا يغسل قبل ما فوقه على خطه وإن غسل قبل ما فوقه على غير جهته وجه وجيه.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ / ٥٩ ، باب المياه وطهرها ونجاستها ح ١٣٣.
(٢) نقل هذا الكلام في الحدائق الناضرة ٢ / ٢٣٧ عن السيد السند في شرح الرسالة ، ولم أجده منقولا عن الشهيد الثاني ، فافحص.