هذا ، والمعروف بين الأصحاب عدم وجوب الغسل لغير ما ذكر ولا لنفسه ، وذهب جماعة (١) من الأصحاب منهم الفاضل ووالده إلى كونه واجبا لنفسه أيضا. وحكي القول به عن القطب الراوندي ، ومال إليه جماعة من المتأخرين كصاحبي المدارك (٢) والذخيرة (٣) وغيرهما.
والأقوى هو الأوّل.
ويدلّ عليه بعد الأصل والشهرة : الآية الشريفة بناء على عطف قوله تعالى ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً ) (٤) على الجزاء لا على الشرط كما هو ظاهر السياق وقضية تأخر التيمّم عنه ، فيكون وجوبه حينئذ معلّقا على القيام إلى الصلاة ، وحينئذ يفيد الوجوب للغير في المنطوق.
ويدلّ على عدم وجوبه لنفسه لمفهوم الشرط ، ومع الغضّ عنه فذكر وجوبه للغير في المقام يدلّ بالفحوى على عدم وجوبه لنفسه وإلّا لكان أولى بالذكر في بيان أصل المشروعيّة ، فيفيد ذلك أن مطلوبيته في الشرع لأجل الغير ، وهو المقصود.
وبما ذكرنا يندفع ما أورد من أنّ الآية إنّما تدلّ على ثبوت الوجوب للغير ، وهو لا ينافي وجوبه لنفسه أيضا.
ويستفاد ذلك أيضا من عدّة من الروايات كقوله عليهالسلام في الصحيح : « إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة » (٥).
وفي الخبر : « إنّ الله فرض على اليدين أن لا يبطش بهما إلى ما حرّم الله .. » إلى أن قال : « والطهور للصلاة » (٦).
وفي الحسن : عن المرأة يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل ليغتسل أم لا؟ قال :
__________________
(١) لم ترد في ( ب ) : « جماعة ... مال إليه ».
(٢) مدارك الأحكام ١ / ١٦.
(٣) ذخيرة المعاد ١ / ٥٤.
(٤) المائدة : ٦.
(٥) من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٣ ، باب وقت وجوب الطهور ، ح ٦٧.
(٦) الكافي ٢ / ٣٦ ، باب في أن الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلها ، ح ١.