المقام حيث عدّ منها لا وجه للقول فيه بالوجوب. ومال إليه صاحب الحدائق حيث ذكر أن القول بالوجوب لا يخلو عن قوة.
ومال السيد في الناصريات بعد حكمه باستحباب الغسل المذكور وتأكّد استحبابه غاية التأكيد ، فلهذا اشتبه الأمر على أكثر أصحابنا واعتقدوا أن غسل الإحرام واجب ؛ لقوة ما ورد في تأكيده. وهذا يعطي شيوع القول به في الأوائل إلا أن تفرّده في كفاية (١) ذلك مع حكم غيره بخلافه بشذوذ القائل به ظاهر في توهّمه ذلك من إطلاق كلماتهم الظاهر في البناء على الوجوب ، مع أن المراد به الندب كما فهمه غيره أو دلّ عليه فتاواهم في موضع آخر.
وكيف كان ، فالوجه فيه القول بالندب.
ويدلّ عليه بعد الإجماعات المحكية والشهرة المستفيضة القريبة من الإجماع الأصل. وعدم وضوح مستند ظاهر للوجوب ولو كان واجبا لقام عليه الشواهد الظاهرة والأدلة القاطعة ؛ لما فيه من عموم البلية ، ولما خفي أمره على آحاد الطائفة ، مع أن الأمر فيه بالعكس ، مضافا إلى ظواهر عدّة من الأخبار ، منها قويّة الفضل بن شاذان ، عن الرضا عليهالسلام : فيما كتب للمأمون من شرائع الدين حيث حكم فيها بكون عدّة من الأغسال منها غسل الإحرام سنّة قال : « وغسل الجنابة فريضة وغسل الحيض مثله » (٢).
ومنها : صحيحة معاوية بن عمار في بيان كيفية الإحرام ، وفيها : « إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق إلى الوقت من هذه المواقيت ، وأنت تريد الإحرام إن شاء الله فانتف إبطيك وقلّم أظفارك واطل عانتك وخذ من شاربك ، ولا يضرّك بأي ذلك بدأت ثم استك واغتسل والبس ثوبيك وليكن فراغك من ذلك إن شاء الله عند زوال الشمس » (٣) الخبر.
فإنّ ذكره في سياق المندوبات يعطي استحبابه.
ومنها : صحيحة معاوية بن وهب ، فيها أيضا الأمر بها في سياق عدّة من المندوبات.
__________________
(١) في ( د ) : « حكاية » بدل « كفاية ».
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ / ١٣٠.
(٣) الكافي ٤ / ٣٢٦ ، باب ما يجب لعقد الاحرام ، ح ١.