وربما يحمل الفسق على مطلق العصيان ، فيعمّ الجميع بقرينة مقابلته بالكفر ، ولبناء جماعة منهم على تعميم الأمرين ، ففي منتهى المطلب (١) : والغسل من توبة الفسق مستحبّ سواء كان الفسق مشتملا على كبيرة أو صغيرة. ونحوه ما في نهاية الإحكام (٢).
وقال المحقق الكركي (٣) : لا فرق في الفسق بين كونه صغيرة أو كبيرة.
وأنت خبير بأن مطلق المقابلة لا يقضي بالتعميم ، و (٤) العبارات المذكورة أيضا لا يفيده ؛ إذ المستفاد منها تعميم الفسق للحاصل من النوعين إنّما يحصل من الصغيرة على فرض الاحتراز عليها ، فلا يدلّ على ثبوته لمطلقها ، فتأمل.
وكيف كان ، فإن اكتفى في ثبوت الحكم المذكور بفتوى الجماعة المذكورين ، وإلّا فلم نجد في الأخبار ما يفيد العموم.
وما يتخيّل من دلالة الصحيحة المذكورة عليه غير واضح ؛ إذ الظاهر منها حصول الإصرار ، وكون الذنب المفروض فيها من الكبائر ، وجهل القائل به لا يوجب سقوط العصيان مع تقصيره في السؤال.
وفي ذيل الرواية شهادة عليه ، وليس فيها دلالة على ثبوت الحكم المذكور في التوبة عن سائر الذنوب.
نعم ، يمكن تسرية الحكم إلى الكبائر وما بحكمها من فحواها ، ولا يجري ذلك بالنسبة إلى الصغائر مع عدم الإصرار عليها كما لا يخفى. وقد يؤيد ثبوت الغسل فيها بقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) (٥) وأنه قضية الأمر بالغسل (٦) للكسوف ، فإنه عقوبة على ترك الفريضة ، وكذا الغسل لرؤية المصلوب وقتل الوزغ مع ما ذكر في تعليله من أنه يخرج من
__________________
(١) منتهى المطلب ١ / ١٣١.
(٢) نهاية الإحكام ١ / ١٧٨.
(٣) جامع المقاصد ١ / ٧٦.
(٤) في ( ألف ) : « في » بدل « و ».
(٥) البقرة : ٢٢٢.
(٦) زيادة في ( د ) : « لقاضي ».