أنّ الطهارة والنجاسة صفتان واقعيتان للأشياء لا يناط حصولهما بالعلم والجهل بحيث يكون مجهول النجاسة (١) طاهرا واقعيا ، ولذا يصحّ تعلّق كلّ من العلم والجهل بكلّ منهما ، وقد ورد ذلك أيضا في الأخبار.
ويدلّ على ما قلناه من الأخبار كالمستفيضة القريبة من التواتر الواردة في الكر وصحيحة ابن بزيع (٢) في البئر وصحيحة معاوية بن عمّار (٣) فيها ، وفيها : « فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة » (٤) ، وعدة من الأخبار الواردة الدالّة على نجاسة القليل كالمستفيضة الدالّة على نجاسة الماء بإدخال الجنب يده القذرة في الماء (٥).
وصحيحة علي بن جعفر الدالّة على عدم صلاحية الوضوء من إناء قطر فيه قطرة من دم الرعاف.
إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
كيف ، ولو كان قبل العلم بنجاسته طاهرا واقعيا لزم عدم الحكم بنجاسة ملاقيه حينئذ ، وإن تيقّن نجاسته بعد ذلك لملاقاته الطاهر حال الجهل فلا تنجس به ، وبعد لا ملاقاة يوجب التنجيس.
وقد يستدلّ له أيضا بجملة من الأخبار الناهية عن الوضوء بجملة من المياه النجسة كقوله عليهالسلام : « إذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا توضّأ ولا تشرب » (٦).
وقوله عليهالسلام في الكلب أنّه « رجس نجس لا يتوضأ بفضله » (٧).
وأورد عليه أنّ ذلك لا يتمّ في الجاهل ؛ لامتناع توجّه الخطاب إليه ، فلا يفيد ما هو
__________________
(١) في ( د ) : « المجهول نجاسته » بدل « مجهول النجاسة ».
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٢ ، باب تطهير المياه من النجاسات ح ٧.
(٣) الإستبصار ١ / ٣١ ، باب البئر يقع فيها ما يغير أحد أوصاف الماء .. ح ٢.
(٤) تهذيب الأحكام ١ / ٢٣٢ ، باب تطهير المياه من النجاسات ، ح ١.
(٥) انظر وسائل الشيعة ٢ / ٢٦٦ باب جواز ادخال الجنب يده في الماء قبل الغسل المستحبة.
(٦) الكافي ٣ / ٤ ، باب ماء الذي تكون فيه قلة والماء الذي في الجيف ، ح ٣.
(٧) الإستبصار ١ / ١٩ ، باب حكم الماء إذا ولغ فيه الكلب ح (٤٠) ٢.