المقصود من ثبوت الفساد بالنسبة إليه.
ويدفعه أولاً : أنّه ليس المقصود من تلك النواهي مجرّد الحرمة ، بل المقصود منها بمقتضى المقام فساد الوضوء فلا تختلف فيه الحال بالنسبة إلى العالم والجاهل.
وثانياً : أنّه إذا كان الحكم الواقعي فيه المنع من الوضوء فلا يقع فيه البراءة الواقعيّة ، فيكون فاسدا ، فيجب قضاؤه بعد كشف الحال.
ودعوى معذورية الجاهل ـ كما حقّق في محلّه ـ ممّا لا دخل له في ذلك ؛ إذ قضية ذلك رفع الإثم والعقاب ، لا صحّة الفعل وسقوط القضاء.
نعم ، إذا كان الفساد من جهة منع الشارع وتحريمه كما في المغصوب صحّ الفعل مع الجهل ؛ لارتفاع جهة المنع. وهو الفارق بين المقامين.
كيف ولو كان الجهل مصحّحا للفعل لزم بقوله (١) بصحة الوضوء إذا كان جاهلا بحكم النجاسة.
والظاهر أنّه لا تأمّل لأحد في فساده ولزوم الإعادة.
وتوهّم العموم في معذورية الجاهل فاسد كما حقّق في محلّه.
وما قد يقال من أنّ ظاهر ما ورد من أنّ « كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر فإذا علمت فقد قذر » (٢) ، « فإنّ الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر » (٣) قاض بحصول الطهارة الواقعيّة وإن حصل هناك ملاقاة للنجاسة بحسب الواقع واضح الفساد ؛ إذ من البيّن أنّ الروايتين مسوقتان لإثبات الأحكام الظاهريّة ، وبيان الطريق الشرعي إلى الواقع.
فالمقصود منهما بيان أصالة الطهارة حتّى يتبيّن المخرج ، لا بيان ما هو ظاهر في الواقع ، ومساق الروايتين صريحة في ذلك ، مضافا إلى فهم الأصحاب.
ويومي إليه تعلّق العلم بالقذارة ، ولو كان العلم مأخوذا في معناها لما صحّ تعلّق العلم بها
__________________
(١) في ( د ) : « القول ».
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٢٨٥ ، باب تطهير الثياب وغيرها من النجاسات ح ١١٩.
(٣) الكافي ٣ / ١ ، باب طهور الماء ح ٢ و ٣.