نعم ، يشكل الحال فيما إذا كان فاقدا للطهورين مع بذل الماء المفروض. وقد يقال في صورة عدم وجوب الإنفاق بأن في تكليفه بإبقاء أخيه المؤمن في الشدة من الحرج ، مضافا إلى ما دلّ على شدة احترام المؤمن وأن حرمته أعظم من الكعبة إلى غير ذلك ، مع تأيده بظاهر إطلاق الأصحاب وأنه يستحب له مود (١) على نفسه التي يقدم مراعاتها على الطهارة المائية فتقديمه على المسوغ دليل على تسويغه ، فبملاحظة ذلك كله ربما يتقوى القول بذلك.
وفي جريان الحكم المذكور بالنسبة إلى الذمي والمعاهد والمخالف للحق وجهان.
وقد أفتى به العلامة في التذكرة. والأقوى خلافه ؛ إذ لا دليل على وجوب محافظتهم وإنقاذهم من الهلكة ونحوها. غاية الأمر عدم جواز إتلافهم لاعتصامهم ببعض الأسباب الباعثة عليه.
ثانيها : نصّ جماعة من الأصحاب منهم العلامة والشهيد بجريان الحكم في صورة الخوف على دابّته وكلّ حيوان محترم. وظاهر ذلك عدم الفرق بين كونه مملوكا له أو لغيره ، وكونه في يده أو يد غيره. وهو على إطلاقه لم يقم عليه دليل ظاهر.
وكأنه مبني على الملازمة بين وجوب الحفظ وحرمة الاتلاف بناء على تقييد خوف العطش بالمهلك ، مضافا إلى ما ورد من أن « لكل كبد حرّاء أجر ».
وقد يفيد الأخير جريان الحكم في العطش الشديد البالغ حدّ الإفراط.
وفيه : مع ما يرد عليه من المنع أنه قد يجوز إتلافه بالذبح فيما يكون محلّل اللحم أو قصد تذكيته من جهة الانتفاع بجلده ونحوه أو نقله بالبيع ونحوه مع تمكّن المشتري من سقيه.
نعم ، يمكن له القول به في مملوكه إذا خاف تلفه من جهة لزوم حفظ المال وعدم وجوب تحمل الضرر. وهذا إنما يتمّ فيما إذا كان تلفه مضرّا بحاله كما مرّ.
وأما مع عدمه ففي عدم وجوبه إشكال مرّت الإشارة إليه.
وبنى في الحدائق على وجوب المائية في الصورتين بناء على زعمه من وجوب صرف
__________________
(١) كذا في ( ب ) ، وفي ( ألف ) : « مور » ، وفي ( د ) تقرأ إحداهما إلّا أن عليها إشارة تحكي وجود كلمة محذوفة في النسخة.