من الظاهر أنه بعد ثبوت القذارة في الشرع يخرج عن كونه طيبا عند المشهور (١) ، فالصفة وإن كانت شرعية إلا أن الاتصاف عرفيّ ، فأهل العرف إنما يصفونه مع ذلك بالطيبة من جهة عدم إثباتهم للصفة.
على أن الإجماع على عدم اشتراط الطيبة العرفية قرينة على إرادة الشرعية.
وقد يقرّر الاستدلال عليه بالأصل من جهة الشك من جهة البناء على شرطيّة ما شكّ في شرطيته ، فبعد (٢) الشك في مدلول الآية لا بدّ من القول بالاشتراط.
واحتج عليه في الحدائق (٣) بالنبوى المشهور : « جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ».
وذكر في القريب : بأن الطهور لغة هو الطاهر المطهر كما حقّق في باب المياه.
قال (٤) : ومن ذلك يعلم أن كل موضع دلّ النص على التطهير بالأرض من حدث أو خبث يجب أن تكون طاهرة حسبما يقال في الماء.
قلت : فيه : أوّلا : أنه قد ذكر للطهور في باب المياه معنى آخر أيضا. وهو أن يكون بمعنى ما يتطهر به ، والمقام محتمل (٥) لإرادته ، فلا يفيد اعتباره الطهارة.
وثانيا : أن غاية ما تقتضيه الرواية أن تكون الأرض في أصلها طاهرة مطهرة ، وهو لا يقضي باشتراط الثاني من الصفتين بالأول حتى يزول الثاني بزوال الأول إلا أن يقال : إن الحكم بطهوريته (٦) حكم واحد ، فإذا زال بعضه ـ أعني الطهارة ـ زال الجميع ؛ للخروج عن مدلول الآية وعدم حجية الاستصحاب عنده.
وهو كما ترى.
نعم ، قد يمكن الاعتضاد به في المقام بملاحظة أن الظاهر المنساق من المطهّر هو ما كان
__________________
(١) في ( د ) : « الشارع ».
(٢) في ( ألف ) : « بعد ».
(٣) الحدائق الناضرة ٤ / ٣١١.
(٤) الحدائق الناضرة ٤ / ٣١٢.
(٥) في ( ألف ) : « تحمل ».
(٦) في ( ألف ) : « بطهورية ».