بالمعنى الأول واستباحة الصلاة واحد ؛ إذ ليس استباحة الصلاة سوى رفع تلك الحالة المانعة التي هي معنى الحدث.
غاية الأمر أن يكون الفرق بينهما كون الرفع في الطهارة المائيّة مطلقا (١) وفيه مقيدا بوجدان الماء ، وهو لا يصلح فارقا بحيث يخرج النافي عن كونه رفعا.
وربما يجمع بين كلمات الأصحاب بذلك الحمل كلام المانعين على إرادة رفع الحدث على نحو المائية ، والتأمل في كلماتهم يأباه.
فإن قلت : إن هناك أمرين : أحدهما الحالة الحادثة والصفة القائمة بالشخص ، والآخر ما يتبعه من الأحكام كالمنع من الصلاة ، وارتفاع التابع لا يدلّ على ارتفاع المتبوع ؛ لجواز الانفكاك بينهما ، فلا اتحاد بين المعنيين ولا ملازمة بينهما ؛ إذ غاية ما يقتضيه الدليل ارتفاع الأخير بسبب التيمّم دون الصفة الحاصلة ، وقضية الاستصحاب بقاؤها.
قلت : من الظاهر تسبيب التيمّم لحالة يصح بها الدخول في الصلاة ، فيرتفع الحالة المانعة قطعا. غاية الأمر أن يقع الشك في أن حالة الحدث هل تلك الحالة المانعة المرتفعة بالتيمم أو أنها صفة وجودية اخرى من شأنها المنع؟ فيمكن أن يجامعها حالة وجودية اخرى بها يستباح الصلاة ، ولا يكون المنع إذن من لوازمها ، بل من توابعها المتفرعة عليها لو لا عروض العارض.
وفيه : أن المتيقّن حصوله بأحد الأسباب الباعثة على الحدث هو الأول ، فيدفع الزائد عليه بالأصل ، فلا ثبوت له ليحتاج إلى الرفع ، فليس الحدث إلا تلك الحالة المانعة بالفعل. وكذا الطهارة هي الحالة المبيحة الرافعة لذلك المنع.
وأيضا لا شك في كون المتيمم متطهرا ؛ إذ التيمّم أحد الطهارات الثلاث ، والطهارة ضدّ للحدث ، فلا بدّ من ارتفاعه به.
مضافا إلى عموم التشبيه في قوله : « إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا » (٢).
__________________
(١) في ( ألف ) : « مطلق ».
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٠٩ ، باب التيمّم ، ح ٢٢٤.