وما أفاد مفاده كعموم المنزلة في قوله : « إنما هو بمنزلة الماء » (١) فيكون إذن طهورية التراب على حسب طهورية الماء.
أقول : ويمكن دفع (٢) الأول بأن من الظاهر دلالة انتقاض التيمّم بمجرد التمكن من الماء على بقاء الحالة الحدثية المقتضية للمنع من الصلاة. كيف ، ولا يتوهم أحد كون حصول الماء بنفسه حدثا للمكلف وباعثا على حصول تلك النقيصة فيه ، فلا يعقل فيه إذن إلا أن يكون رافعا للإباحة الحاصلة بالتيمم ، فيعمل تلك الحالة ( الحدثيّة الباقية عمله من المنع وإلّا فلا مقتضى لعود تلك الحالة ) (٣).
فدلّ ذلك على وجود ذلك الحدث بالمعنى المذكور ، فلا معنى لنفيه بالأصل.
وعدّ المتيمم متطهرا ليس بالنسبة إلى المحدث بالمعنى المذكور ، بل بملاحظة من حصل له المنع حيث إن التيمّم رافع لذلك المنع.
فظهر أن هناك إطلاقين للمتطهر ، وكذا للمحدث على وجه [ و ] الكلام إنما هو في كونه رافعا للحدث مطلقا كما هو المتبادر من رفع الحدث لا في رفعه بالمعنى المعبّر عنه بالحالة المانعة عن الصلاة فعلا ؛ لوقوع الاتفاق عليه.
وإطلاق الحدث عليه بعيد أيضا وإن كان إطلاق المتطهّر على رفعه مطابقا للمصطلح ؛ لعدم الملازمة بينهما.
ومما ذكر يعرف أن ما دلّ على كون التراب بمنزلة الماء منزّل على إرادة رفع تلك الأثر ، أي المنع من الصلاة ونحوها.
فبملاحظة جميع ذلك يظهر قوة القول المشهور ، وضعف ما اختاره الجماعة.
ويشير إليه إطلاق الجنب في بعض الأخبار على المتيمم ، فيتفرّع إذن على ذلك عدم جواز قصد الرفع بالتيمم إن عنى به المعنى المذكور دون المعنى الآخر.
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١ / ٢٠٠ باب التيمّم وأحكامه ح ٥٥.
(٢) في ( ألف ) : « رفع ».
(٣) ما بين الهلالين زيدت من ( د ).