وربّما يظهر من بعض الأخبار رجحان الصبر على المرض والرضا به بحيث لا يريد من الله سبحانه رفع ذلك عنه ، فلا يدعو لنفسه برفع ذلك البلاء ، بل يكون راضيا بما رضي الله له. فعن الباقر عليهالسلام قال : « قال علي بن الحسين عليهالسلام : مرضت مرضا شديدا فقال أبي : ما تشتهي؟ فقلت : أشتهى أن أكون ممن لا أقترح على الله ربي ما يدبّره لي. فقال لي : أحسنت! ضاهيت إبراهيم الخليل عليهالسلام حيث قال جبرئيل : هل من حاجة؟ فقال : لا أقترح على ربي بل حسبي الله ونعم الوكيل » (١).
ولا ينافي ذلك استحباب الدعاء بالشفاء وكشف البلاء ، فإن ذلك مقام وذاك مقام آخر لكل منهما جهة أمرية.
ويستفاد من بعض الأخبار الرخصة في الشكاية إلى إخوانه المؤمنين ويخصّص المنع من الشكاية بغيرهم. فعن الصادق عليهالسلام : « إذا نزلت بك نازلة فلا ... » (٢).
وينبغي (٣) أن يتذكر الموت ليعزم على الطاعات وترك الأسواء ، فتغير حاله مما هو عليه إذا عافاه الله تعالى من مرضه. قال الصادق عليهالسلام : « إذا اشتكى العبد ثم عوفي فلم يحدث خيرا ولم يكف عن سوء لقيت الملائكة بعضها بعضا يعني حفظته. فقالت : إن فلانا داويناه فلم ينفعه الدواء » (٤).
وأن لا يراجع الأطباء في مرضه إلا عند الحاجة ، فقد روي عنه عليهالسلام : « تجنب الدواء ما احتمل بدنك الدواء (٥) فإذا لم يحتمل الدواء فالدواء » (٦).
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٦ / ٦٧.
(٢) تحف العقول : ٣٧٩ ، والرواية هي : « إذا نزلت بك نازلة فلا تشكها إلى أحد من أهل الخلاف ولكن اذكرها لبعض اخوانك ».
(٣) في ( د ) : « وينبغي له ».
(٤) الأمالي للشيخ الطوسي : ٥١٧.
(٥) في ( د ) : « الداء ».
(٦) وسائل الشيعة ٢ / ٤٠٩ ، باب استحباب ترك المداواة مع إمكان الصبر ، ح ٥.