ومنه يظهر اندفاع الأخير ؛ إذ عدم تحقق البول له بعد تحقق الإجماع المذكور لا يوجب ردّ الاستدلال أو نقول : إن بول غير ما يؤكل لحمه نجس ، فروثه كذلك وإن لم يكن الروث من صاحب البول.
على أن الظاهر حصول البول للطائر في الجملة كما هو معروف في الخفاش.
وقد دلّ عليه النصّ حجة القول الثاني موثقة أبي بصير : « كلّ شيء يطير فلا بأس بخرئه وبوله » (١).
وقد رواه في البحار (٢) ، وجاء بخطّ الجبعي نقلا عن جامع البزنطي ، عن أبي بصير.
والقول بمعارضته للصحيحة المتقدمة مدفوع بأن عمومها أصرح من الصحيحة ، فهي أقوى بحسب الدلالة ، ولو سلّم تكافؤها بحسب الدلالة فقضية الأصل في ذلك الرجوع إلى أصالة الطهارة وهي كاف في المقام.
ويضعّفه اطراح الرواية بين الأصحاب ، وإعراض المعظم عن العمل بها.
وفي التذكرة (٣) : إنّ أحدا لم يعمل بها.
وقد رماها الحلي في السرائر (٤) إلى الشذوذ ، وقال : إنه لا يعوّل عليها. والمحقّق عند محقّقي أصحابنا والمحصّلين منهم خلاف هذه الرواية ؛ لأنه هو الذي يقتضيه أخبارهم التي أجمع عليها.
وقد يظهر منه وجود أخبار دالّة على النجاسة فيها إلا أن يقال بأن مقصوده بذلك الإطلاق المذكور المؤيّد بظواهر غيرها من الأخبار المذكورة.
نعم ، ذكر في الروض (٥) أن روايات التنجيس في الطير (٦) أكثر. وهو ظاهر في وجود
__________________
(١) الكافي ٣ / ٥٨ ، باب أبوال الدواب وأرواثها ، ح ٩.
(٢) بحار الأنوار ٧٧ / ١١٠.
(٣) تذكرة الفقهاء ١ / ٤٩.
(٤) السرائر ١ / ٨٠.
(٥) الروض : ١٦٢.
(٦) في ( ب ) و ( د ) : « الطيور ».