يقيّد النجاسة العينية ؛ لاحتمال إرادة العارضية كما هو الغالب من مزاولتهم للنجاسة ، وأن النجاسة لم يثبت لها حقيقة شرعية فليحمل على معناها اللغوي الذي هو مطلق القذارة ، وأنها لا تشمل أهل الكتاب ؛ لعدم اندراجهم في المشركين بيّن الاندفاع ؛ لعدم إمكان حمل المصدر على الذات بطريق الحقيقة.
وأما على سبيل المبالغة فلا مانع ، وهو مقدّم على المعنى المذكور إلا بمقتضى فهم العرف ، ومع الغضّ عنه فيحمل على النجس ليكون المصدر بمعنى الفاعل ، فيدلّ إذن على النجاسة العينيّة كما هو (١) مفاد العبارة.
بل مع حمله على المعنى المذكور لا يبعد دلالته على النجاسة العينيّة سيّما بملاحظة عموم المشركين ، وإن المناسب للمقام هو النجاسة الشرعية ، فيقدم على اللغوية ، ولو قلنا بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ، ومع القول بها فلا بحث.
وإن ظاهر قوله تعالى : ( وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ) (٢) إلى قوله ( سُبْحانَهُ : عَمّا يُشْرِكُونَ ) (٣) قاض بكون اليهود الّذين هم أقرب من سائر أهل الكتاب إلى التوحيد مشركين فكيف غيرهم.
ومع الغضّ عنه فلا شكّ في شرك غيرهم ؛ لقول النصارى بالأقانيم الثلاثة والمجوس بالنور والظلمة.
ومنها : الإجماع المعلوم من ملاحظة فتاواهم وجريان السيرة المستمرة عليه حتى صار من شعار الشيعة يعرفون عند أهل الخلاف.
ومنها : الروايات المستفيضة ، مضافا إلى الإجماعات المنقولة عليه حدّ الاستفاضة قد حكاه جماعة منهم السيد (٤) والشيخ (٥) وابن زهرة (٦) والعلامة (٧) في جملة من كتبه وغيرهم.
__________________
(١) في ( د ) زيادة : « ظاهر ».
(٢) التوبة : ٣٠.
(٣) التوبة : ٣١.
(٤) الناصريات : ٨٤.
(٥) انظر الخلاف ١ / ٧٠.
(٦) غنية النزوع : ٤٤.
(٧) تذكرة الفقهاء ١ / ٦٧.