وفيه : أن ظاهر عبارته الأخيرة هو اعتبار زوال العين عن محلّ الملاقاة ؛ إذ الظاهر منه فرض النجاسة في الأعيان الجامدة لفرضه زوال العين بالتمسّح ونحوه. وحينئذ فلا شكّ في اعتبار الزوال للزوم الملاقاة لعين النجاسة مع بقائه في المحل.
على أن (١) بقاء العين في محل آخر لا ربط له في تأثير المحل الخالي عنها ، وتخصيص ذلك بخصوص المائعات مما لا إشارة إليه في كلامه.
وكيف كان ، فضعف كلّ من الوجهين أظهر من أن يحتاج إلى البيان.
ويدلّ على فساده بعد إطباق الأصحاب عليه قديما وحديثا ، وجريان السيرة المستمرة الكاشفة عن قول الأئمة عليهمالسلام أو تقريرهم قطعا ، الروايات المستفيضة المتكثرة بل البالغة حدّ التواتر بالنسبة إلى الأول بل الثاني أيضا كالدالّة على نجاسة الأواني بنجاسة الماء الذي فيها أو الدهن أو الدبس المائعين بموت الفأرة ونحوها أو نجاسة ما لاقى مياه الآبار بعد تنجسها .. إلى غير ذلك.
وفي الأمر بغسل الأواني والفرش والبسط ونحوها أقوى دلالة عليه ؛ إذ لو لا السراية مع ملاقاتها بالرطوبة لما تفرع فائدة على غسلها ؛ إذ ليست تلك الأمور مما يستعمل فيما يتوقف على طهارة أنفسها ، وإنما يطلب طهارتها لعدم سراية النجاسة منها إلى ملاقيها من مأكول أو ملبوس ونحوهما.
وحيث انتفت تلك الفائدة حسبما ذكره ، فينتفي الالتزام بغسلها وبطهرها (٢) عن الفائدة.
واستدل الفاضل المذكور على ذلك بعد الأصل وخلوّ الأخبار عنه ـ مع أنه مما يعمّ به البلوى ـ بالمعتبرة المستفيضة :
منها : الموثق : سمعت رجلا يسأل الصادق عليهالسلام فقال : إني ربما بلت فلا أقدر على الماء ويشتدّ ذلك عليّ؟ فقال : « إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فإن وجدت شيئا فقل هذا
__________________
(١) زيادة : « أن » من ( د ).
(٢) في ( د ) : « تطهير غيرها ».