من ذاك » (١) بحملها على أن يكون شكاية السائل (٢) عن انتقاض وضوئه بالبلل الذي يجده بعد التمسح لاحتمال كونه بولا ، وذكر العجز عن الماء على هذا التقدير لتعذر إزالة البلل من (٣) ثوبه وبدنه مما تعدّى من المخرج إليهما ، فأمره عليهالسلام (٤) بمسح (٥) ذكره ، ولو مخرج بوله بعد مسح البول عنه بريقه حتى لو خرج عنه شيء بعد ذلك صار مشكوكا عنده من جهة ذلك الريق الموضوع ، فلا حاجة (٦) إلى إعادة الوضوء وتطهير الثوب أو البدن ، فيفيد عدم تعدّي النجاسة عن المحل المتنجس إلى غيره.
قال (٧) : وعلى هذا لا يحتاج إلى تكلّف تخصيص التمسّح بالريق بالمواضع الطاهرة ، ولا إلى تكلف تعدّي النجاسة من المتنجس ، بل يصير الحديث دليلا على عدم التعدي منه ، فإن التمسح بالريق مما يزيدها تعدّيا.
وهذا المعنى أوفق بالأخبار الأخر ، وهذان الأمران ـ أعني عدم الحكم بالنجاسة إلا بعد التيقّن ، وعدم تعدي النجاسة من المتنجس ـ بابان من رحمة الله الواسعة فتحهما لعباده رأفة بهم ونعمة لهم ، ولكن أكثرهم لا يشكرون ، فينتقم الله منهم بابتلائهم بالوسواس واتّباعهم للخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس.
قال أبو جعفر الباقر عليهالسلام : « إن الخوارج ضيّقوا على أنفسهم لجهالتهم وإن الدين أوسع من ذلك » (٨). انتهى (٩).
__________________
(١) الكافي ٣ / ٢٠ ، باب الاستبراء من البول وغسله ومن لم يجد الماء ، ح ٤.
(٢) زيادة : « السائل » من ( د ).
(٣) في ( د ) : « عن ».
(٤) هنا أوراق النسخ المخطوطة مشوّشة خلط بعضها ببعض ، أصلحناها ، والحمد لله.
(٥) في ( ألف ) : « يمسح ».
(٦) في ( د ) زيادة : « له ».
(٧) الحدائق الناضرة ٢ / ١١.
(٨) من لا يحضره الفقيه ١ / ٢٥٨.
(٩) في ( د ) : « بياض في الأصل ».