وفي خبر آخر : « إن أفضل الوقت على الآخر كفضل الدنيا على الآخرة » (١).
وعن أبي سلام العبدي قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقلت له : ما تقول في رجل يؤخر العصر متعمدا؟ قال : « يأتي يوم القيامة موتورا أهله وماله » ، قال : قلت : جعلت فداك! وإن كان من أهل الجنة؟ قال : « وإن كان من أهل الجنة ». قال : قلت : فما منزلته في الجنة؟ قال : « موتور أهله وماله يتضيف أهلها ليس له فيها منزل » (٢).
وقد روى أبو بصير عن الصادق عليهالسلام : « إنّ من صلى صلاة العصر فأخّرها حتى تصعر الشمس وتغيب ليس له أهل ولا مال في الجنة » (٣).
ورواه أيضا عن الباقر عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فإنّ سياق هذه الأخبار ظاهر في الاستحباب سيما الأخبار الأخيرة ، فإن ذكر كونه باعثا على نقص بعض النعم في الجنة في مقام الحث عليه كالصريح في عدم الحرمة.
ويؤيّد ما ذكرناه فهم الأصحاب وموافقتها لظاهر الكتاب كما مرّ ومخالفتها لمعظم العامة وموافقة المنع لمذاهبهم. مضافا إلى الأصل ؛ إذ ليس نزاع النازع إلّا في المنع لا في اشتراط العمل لما عرفت من الاتفاق على الأدائية إلّا من ظاهر البعض.
وهو مدفوع بصراحة النصوص في خلافه.
وفي الأعذار المجوّزة للتأخير من السفر والمطر والمرض وشغل يضرّ تركه بدينه أو دنياه ، كما ذكره في المبسوط (٤) ، ويقتضيه إطلاق العذر الوارد في الأخبار ، بل مقتضاه أعمّ من ذلك إشارة إلى ما ذكرناه ؛ إذ لو كان الأمر مبنيّا على الوجوب لما اكتفى في تركه بأدنى شيء من
__________________
(١) الكافي ٣ / ٢٧٤ ، باب المواقيت أولها وآخرها وأفضلها ، ح ٧ وفيه : « كفضل الآخرة على الدنيا ».
(٢) ثواب الأعمال : ٢٣١ وفيه : « يؤخر صلاة العصر متعمدا؟ ».
(٣) المحاسن ١ / ٨٣ والرواية فيه : عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : « ما خدعوك عن شيء فلا يخدعوك في العصر صلها والشمس بيضاء نقية فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : الموتور أهله وماله المضيع لصلاة العصر ما قلت : وما الموتور أهله وماله؟ قال : لا يكون له في الجنة أهل ولا مال. قلت : وما تضييعها؟ قال : يدعها والله حتى تصفر الشمس وتغيب.
(٤) المبسوط ١ / ٧٢.