وأعجب (١) من ذلك ما ذكره في الحدائق (٢) من أن الحمل المذكور أقرب إلى هذا الخبر مما أوّلوا به الأخبار الدالّة على القول الآخر ، مع أن ما عرفت من الحمل ليس خروجا مبنيّا على ظواهر تلك الأخبار ، بل قد يقال بظهور جملة منها فيه حسب ما أشرنا إليه.
هذا ، وعبارة الهداية دخول وقت العصر بعد مضيّ قدمين من الزوال. وكأنّه محمول على الاستحباب بناء على استحباب تأخير العصر عن وقت فضيلة الظهر ، وقد حكم فيه بأن وقت الظهر من الزوال إلى مقدار القدمين ، وإلا فلا يظهر قائل بمضمونه.
وأما المقام (٣) الثاني فالمعروف بين الأصحاب هو ما قدّمناه ، وعن العماني (٤) أنه يمتد إلى أن ينتهي الظلّ ذراعين ، فإذا جاوز ذلك فقد دخل الوقت الآخر.
وعن المفيد في المقنعة (٥) أنه يمتد وقتها إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب للمختار ، وجعل وقت المضطر والناسي إلى المغيب.
وعن السيد (٦) أنّه يمتدّ حتى يصير الظلّ بعد الزيادة ستّة أقدام للمختار.
ويدلّ على الأول بعد اشتهاره بين الأصحاب والإجماع المحكي عليه من الغنية عدة من الروايات المشتملة على اعتبار القامتين. وقد تقدمت الإشارة إلى جملة منها ، ومنها حديث إتيان جبرئيل بالأوقات.
وفيه أنه « أتاه في اليوم الأول حين زاد الظلّ قامة فأمره فصلى العصر. ثم ذكر أنه أتاه [ من الغد ] (٧) حين زاد في الظلّ قامتان فأمره فصلى العصر. ثم إنه قال (٨) بعد ذلك : « ما بين
__________________
(١) في ( ألف ) : « عجيب ».
(٢) الحدائق الناضرة ٦ / ١٠٦.
(٣) زيادة : « المقام » من ( د ).
(٤) فقه ابن أبي عقيل العماني : ١٥٧.
(٥) المقنعة : ٩٣.
(٦) نقل عنه في المعتبر ٢ / ٣٨.
(٧) الزيادة من المصدر.
(٨) في ( ألف ) و ( ب ) : « قال إنّ ».