قلت : الأصوب في تقرير الإيراد أن يقال : إنه كما جعل الحمرة المشرقية دليلا على بقاء الشمس في الجهة الغربية فينبغي أن يكون ظهورها في جهة المغرب دليلا على طلوع الشمس في الجهة المشرقية ، فكيف لم يعتبروا هنا سوى ظهور القرص؟ وحينئذ فلا يتّجه في ردّه جواب الشهيد.
وقد روى في الدعائم مرسلا ، عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « أول وقت صلاة الفجر اعتراض الفجر في افق المشرق ، وآخر وقتها أن يحمر افق المغرب » (١).
وذلك قبل أن يبدو قرص الشمس في افق المشرق إلا أن الرواية ضعيفة متروكة ، بل الاتفاق منعقد على خلافها ، فلا بدّ من الاقتصار على مورد النصّ ، والبناء هنا على ظهور القرص ، والنصّ هو الفارق بين الأمرين.
والظاهر أن العبرة بظهور أول جزء منه كما هو الظاهر من الإطلاق في المقام دون المركز كما يعتبر أهل النجوم ولا تمامه.
كما قد يقال بأن تعليق الحكم على طلوعها يقضي باعتبار طلوع الجميع ، والعبرة بصدق طلوعها في ذلك المكان ، ولو كان بظهورها في المواضع المرتفعة الحاصلة فيه ، وإن كان خارجا عن المعتاد كالجبال العالية والأبنية المرتفعة جدّا كمنارة الإسكندرية ؛ لصدق الطلوع هناك في ظاهر العرف مع ظهور الشعاع عليها ، ولا يقدر وجود المرتفع مع عدمه.
والفارق بين المقامين هو العرف.
وقد ذكر في المبسوط (٢) تفريعا على القول باعتبار غيبوبة القرص في الغروب أنه لو رأى ضوءها في جبل عال ونحوه ، فإنه يصلّي المغرب ولا يلزمه حكم الطلوع.
وقضية ذلك عدم حكمه بالطلوع في المقام أيضا إلا أن ظاهره الميل إلى ما قلناه في كتاب الصوم منه حيث قال ـ بعد ما حكي عن بعض الأصحاب نحو ما حكيناه عنه ـ : إن الأحوط عندي مراعاة الغيبوبة عن الأبصار في كلّ ما يشاهده.
__________________
(١) دعائم الإسلام ١ / ١٣٩.
(٢) المبسوط ١ / ٧٤.