ثم هذه الروايات المذكورة مختلفة في التعبير عن الحدّ المذكور ، فإن في بعضها اعتبار أن يتجلل الصبح السماء ، وفي آخر تنوير الصبح ، وفي بعضها الإسفار ، وفي بعضها انقضاء النجوم.
والظاهر تقارب الجميع.
والمعبّر به في كلام جماعة من الأصحاب كالفاضلين (١) (٢) والشهيدين (٣) (٤) وغيرهم التحديد بظهور الحمرة المشرقية.
والظاهر أنهم بنوا على المقاربة (٥) بين الامور المذكورة ؛ فعبّروا بالعلامة المبيّنة ، ولا بأس به إلا أنه قد يختلف (٦) الحال في الحمرة بحسب الأوقات ، فربما يتقدم على المذكورات لبعض العوارض السماوية ، فالقول حينئذ بانقضاء وقت الفضيلة مع عدم حصول الاسفار الذي هو المناط في الحمل ـ على ما دلّت عليه الأخبار ـ محلّ إشكال ، بل الأظهر خلافه ؛ وقوفا مع ظواهر تلك الروايات وحملا لكلام الأصحاب على الغالب.
ثم إنّ هنا إشكالا أورده الفاضل الشيخ محيي الدين ابن تاج الدين علي الشهيد الثاني كما حكاه بعض الأفاضل ، وهو أنّ الأخبار قد دلّت على أنّ بقاء الحمرة المشرقية دليل على عدم غيبوبة الشمس ، فينبغي أن يكون ظهورها دليلا على بروزها.
فأجاب عنه الشهيد بعد إرجاع الأمر إلى النصّ أن (٧) دلالة الحمرة (٨) المشرقية على بقاء الشمس في الجهة الغربية لا يقضي بدلالتها عليها في الجهة المشرقية ، فهي إذن كالشفق الغربي في عدم دلالته على بقاء الشمس في جهته.
__________________
(١) كشف الرموز ١ / ١٢٧.
(٢) كشف اللثام ١ / ١٦١.
(٣) البيان : ٤٩.
(٤) مسالك الإفهام ١ / ١٤٤.
(٥) في ( د ) : « مقارنة ».
(٦) في ( ب ) : « يخلف ».
(٧) في ( ألف ) : « أن لا ».
(٨) في ( ب ) : « لحمرة ».