قلت : قد ذكر في التذكرة (١) أن الإمساك عن الإفطار حتى تتيقّن الغروب أحوط.
وقال أيضا : لو اجتهد وغلب على ظنّه دخول الليل فالأقرب جواز الأكل. ولا يدل ذلك على وجود الخلاف. غاية الأمر أنه يدل على تأمّل منه في الحكم.
نعم ، الظاهر أن الإسكافي إذا لم يقل بالاكتفاء به في الصلاة فالظاهر معه أيضا عن الإفطار ، فالاستناد إلى خلافه مع تصريح صاحب المدارك به ونصّه على عدم الفعل بالفرق بين الأمرين أولى.
وكيف كان ، فالمحكي عن الإسكافي (٢) في المقام عدم جواز الاكتفاء بالظن حيث قال : ليس للشاكّ يوم الغيم ولا غيره أن يصلّي إلا عند تيقّنه بالوقت ، وصلاته في آخر الوقت مع اليقين خير من صلاته مع الشك.
وهو كما ترى غير صريح في المنع.
وفي صلاة المدارك (٣) : إن المسألة محلّ تردّد. وقول ابن الجنيد لا يخلو عن قوّة.
والأظهر الأول ؛ لظواهر عدّة من الأخبار المعتضد بفتوى معظم الفرقة :
منها : ما ورد في الصوم من جواز الإفطار حينئذ. ومن الظاهر اتّحاد وقت الإفطار والصلاة ، فإذا ثبت به الوقت ثبت بالنسبة إلى الأمرين. مضافا إلى ما عرفت من الإجماع ، ففي رواية أبي الصباح : عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء غيمة ، فأفطر ثم إن السحاب انجلى فإذا الشمس لم تغب؟ فقال : « قد تم صومه ولا يقضيه » (٤).
وفي صحيحة زرارة : في رجل ظن أن الشمس قد غابت فأفطر ثم تبصر الشمس بعد ذلك؟ فقال : « ليس عليه قضاء » (٥).
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٦ / ٧٤.
(٢) نقله عنه في مختلف الشيعة ٢ / ٤٧.
(٣) مدارك الأحكام ٣ / ٩٩.
(٤) من لا يحضره الفقيه ٢ / ١٢٠ ، باب حكم الصائم يصبح جنبا أو يحتلم نهارا ح ١٩٠١ ، وفيه : « غيم فافطر ».
(٥) تهذيب الأحكام ٤ / ٣١٨ ، باب الزيادات ح ٣٦.