وممّا ذكرنا يظهر ضعف ما احتجّ به للاكتفاء من أنّه لا دليل في (١) لزوم التجديد.
وحمله على المستحاضة قياس حيث عرفت أنّ قضية الأصل بالعكس ، فلا بدّ من نهوض دليل على الاكتفاء به.
وربّما يستدلّ له أيضا بموثقة سماعة : عن رجل أخذ يقطر من فرجه إمّا دم أو غيره؟ قال : « فتضع خريطه فليتوضأ وليصلّ » (٢).
فإنّما ذلك بلاء ابتلى به فلا يعيد إلّا من (٣) الحدث الّذي يتوضّأ عنه ؛ نظرا إلى ظهوره في كون الحدث نوعين ، فلا يكون البول حدثا بالنسبة إليه في صورة التقطير أو مطلقا كما احتمل ذلك في كلام القائل به.
إلّا أنّ الظاهر منه هو الأوّل ؛ لبعد الثاني عن الأدلّة جدّا.
وفيه : أنّ الرواية لا ظهور فيها فيما ذكر ، بل يحتمل أن يكون إشارة إلى عدم مانعية الدم لصحة الصلاة ، بل ربّما يستدلّ بظاهر إطلاقها على المختار.
حجّة التفصيل صحيحة حريز : عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « إذا كان الرجل يقطر منه البول أو الدم إذا كان حين الصلاة اتّخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثمّ علّقه عليه وأدخل ذكره فيها ثمّ صلّى ويجمع بين الصلاتين الظهر والعصر يؤخّر الظهر ويعجّل العصر بأذان وإقامتين ، ويؤخّر المغرب ويؤجّل العشاء بأذان وإقامتين » (٤).
وأنت خبير بأنّه لا دلالة ظاهرة في هذه الرواية على ذلك ؛ إذ ظاهر سياقها ورودها لبيان علاج سريان النجاسة والحكم بالعفو عنها في الصلاة ، وليس فيها ذكر الوضوء.
والعفو منها من جهة النجاسة لا يقضي بالعفو من جهة أخرى.
__________________
(١) في ( د ) : « على ».
(٢) تهذيب الأحكام ١ / ٣٤٩ ، باب الأحداث الموجبة للطهارة ، ح ١٩ مع اختلاف.
(٣) في ( ألف ) : « يعيدان الأمر من ».
(٤) من لا يحضره الفقيه ١ / ٦٤ ، باب ما ينقض الوضوء ، ح ١٤٦.