بما بعده ، والإطلاق الوارد في المقام بالرجوع إلى المشكوك منزّل على الغالب من بقاء الرطوبة ، فيظهر بذلك قوة القول المشهور. مضافا إلى تأيّده بالشهرة والاحتياط.
ثانيها : حكم كثير الشكّ في الوضوء كالصلاة في عدم الالتفات وإن ورد الأخبار (١) في خصوص الصلاة ؛ لدلالة فحواها على عموم الحكم لكلّ العبادات ، ففي الصحيح : « لا تعودوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطيعوه ، فإنّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فإنّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشك » ثمّ قال عليهالسلام : « إنّما يريد الخبيث أن يطاع ، فإذا عصي لم يعد إلى أحدكم » (٢).
فهو كالصريح في التعميم وشمول الحكم لسائر المقامات ، مضافا إلى لزوم العسر والحرج مع البناء على وجوب الرجوع.
ويومي إليه في خصوص الوضوء ظاهر قول الصادق عليهالسلام في صحيحة عبد الله بن سنان حيث ذكر له ابتلاء رجل بالوضوء والصلاة ووصف عقله : وأي عقل له وهو مطيع الشيطان؟! فقال له : « وكيف يطيع الشيطان؟ فقال : سله هذا الّذي يأتيه من أي شيء هو؟ فإنّه يقول لك : من عمل الشيطان » (٣).
فإنّه وإن كان الظاهر وروده في الوسواس إلّا أنّ ظاهر إطلاقه يعمّ ذلك ، بل لا يبعد اندراج كثير منها في الوسواس.
ثمّ إنّ قضية عدم الالتفات إلى الشكّ هو البناء على الإتيان بالفعل المشكوك هل هو رخصة من الشرع أو عزيمة فيحرم الرجوع؟ وجهان أوجههما الأخير ؛ لظاهر الأخبار.
وعموم أدلّة الاحتياط معارض بما يستفاد من النهي في المقام سيّما إذا وصل إلى حدّ الوسواس.
وحكم بعض المتأخرين بكونه من قبيل الرخصة ، ولا مانع من الفعل أخذا بعمومات
__________________
(١) في ( د ) : « الأخيار » ، وفي ( ألف ) : « الاضمار ».
(٢) الإستبصار ١ / ٣٧٥ ، باب من شك فلم يدر صلى ركعة أو ثنتين ، ح ٥.
(٣) الكافي ١ / ١٢ ، كتاب العقل والجهل ، ح ١٠.