المكلّفين ) (١). انتهى.
وقال في موضع آخر من شرح ذلك الكتاب عند قول المصنّف : ( ولا بناء على أُصول مبتدعة ليس إليها في الشرع سبيل ، ولا جمود على الألفاظ بيد قصيرة ، ولا عمل بقياسات عاميّة من غير بصيرة ) (٢) ـ : ( فهذه الصفاتُ الثلاث المذكورة في كلام المصنّف أعني : البناء على الأُصول المبتدعة ، وجمود القريحة ، والعمل بالقياسات العاميّة كلّها ممّا خلا عنها فقهاء أصحابنا ، فإنّهم إنّما يعوّلون في أحكام دين الملك العلّام على الكتاب والسنّة وما يؤول إليهما ، ويرجعُ بالآخرة إليهما ، مع تحقيق وتدقيق وردّ المتشابهات إلى المحكمات ، ومجانبة للقياس في جميع الحالات.
وعلى هذا جرى المتقدّمون منهم والمتأخّرون ، المجتهدون والأخباريّون وإنْ خالف بعضهم بعضاً في بعض المسائل ، وناقش بعضهم بعضاً في تطبيق تلك الدلائل ، إلّا إنّهم لا يخرجون عن طريقة الأئمّة الأعلام. وما صدر بينهم من الاختلاف فإنّما هو لتفاوت الأفهام أو لتعارض الروايات الواردة عن الأئمّة الأعلام ، فهم كافّة كما أخبر به المصنّف عن نفسه من مجانبته لطريقة العامّة التي أكثرت التلبيس على هذه الأُمّة ، وعدم اعتماده على أدلّتهم التي أوقعتهم في هذه الظلمة المدلهمّة ) (٣). انتهى ، وهو نصّ فيما قلناه.
وأمّا ثانياً ، فلجواز إرادته بقوله : ( ومن لا يعرف الهرّ من البرّ ) .. إلى آخره ، علماء السوء والشرّ ، لصدق ما قاله عليهم ، إذ غير خفيّ تعريض الأئمّة الأعلام وعلمائهم الكرام بأُولئك البغاة الطغاة الطغام ؛ ولمعارضته لو ابقي على ظاهره ما تقدّم نقله من كتابه ( الحقائق ) الذي قال فيه : إنّه آخر مصنّفاته (٤).
والجمع مهما أمكن أولى عندهم من الترجيح ، هذا ولا يبعد أنْ يكون كلامه في
__________________
(١) المصابيح اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع : ١٧. ( مخطوط ).
(٢) مفاتيح الشرائع ١ : ٤ ٥.
(٣) المصابيح اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع : ٢١. ( مخطوط ).
(٤) الحقائق : ٣٢٥.