( الحقائق ) عدولاً عمّا أثبتهُ هنا ، والله العالم بالحقائق.
وحينئذ ، فيتعيّن الأخذ به ؛ لأنّه الأحدث ، كما ورد في النصّ الصادق المتطابق.
هذا ، والتحقيق في هذا المقام : أنّ اختلافهم إنْ لم يُفضِ إلى الخروج عن حوزة العدالة كما هو من كلامهم المتقدّم طافح الدلالة ، فالأمر فيه ظاهر المقالة ، إذ هذان الفريقان مجموع الفرقة المحقّة والطائفة الحقّة ، كما لا يخفى على من أصلح الله باله.
وقد صرّح به مولانا السيّد محمّد الميرزا الهندي في رسالته المسمّاة بـ ( قبسة العجول ومنبّهة الفحول ) ، فقال بعد البسملة والحمدلة : ( أمّا بعد : فالباعث على تحرير هذه الأسولة هو أنّ الفقير إلى ربّه الغني محمّد بن عبد النبيّ لمّا علم الاختلاف الواقع في الأحكام الشرعيّة بين المجتهدين والمحدّثين ، مع توافقهما في أُصول الدين واعتقادهما عصمة الحجج الطاهرين ، وبذل جهدهم في إحياء مراسم شريعة سيّد المرسلين شكر الله مساعيهم أجمعين ) .. إلى آخر كلامه ، زيد في إكرامه.
وهو صريح الدلالة فيما قلناه ، بل صرّحتم به أيضاً في الردّ على بعض الفضلاء ، حيث عبّر بـ ( ذهب الأُصوليّون والمحدّثون الأخباريّون ) ، فقلتم : لا يخفى فسادُ تعبيره بـ ( ذهب ) هنا وغرابته ؛ إذ الفريقان المذكوران نفس مجموع الطائفة الناجية ، وهذا الملفوظ ومثله أنّما يقال على البعض إيذاناً بمخالفته كثرةً أو شهرةً ، كما لا يخفى على مَنْ له أدنى اتّصال بالسنة أُولئك الأبدال ، وإنْ أفضى والعياذ بالله إلى ذلك.
فإنْ كان المكلّف له قوّة الاستنباط وجب عليه طلب العلم و [ العمل (١) ] بما علّمه الله بواسطة الراسخين في العلم من أهل البيت ، من أخبارهم وآثارهم ومواضع تسديداتهم ؛ لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢) ، وقوله عليهالسلام : « ما من مؤمن حبّنا » إلى آخر ما تقدّم ويأتي ، وإلّا طلبَ عالماً يوثقُ بدينه وأمانته ويظهر فيه أخلاق أئمّته ، مستجمعاً لما يأتي أخيراً ، فإنّ النائب لا بدّ له من المناسبة مع المنوب
__________________
(١) في المخطوط : ( عمل ) ، وما أثبتناه أنسب للسياق.
(٢) العنكبوت : ٦٩.