عنه في العلم والعمل ، فيأخذ عنه لوساطته عن إمامه ، لما رواه أبو عليّ بن راشد عن الباقر عليهالسلام ، قال : قلتُ له : إنّ مواليك اختلفوا فأُصلّي خلفهم جميعاً؟ فقال : « لا تصلِّ إلّا خلف مَنْ تثق بدينه وأمانته » (١).
فإنْ اشتبه حال العلماء تتبّع آثارهم وتفحّص عن أخبارهم ، فإذا تفحّص وبذل مجهوده هداه الله إلى عالِمٍ مستقيم قد رضياللهعنه وجعله حاكماً من قبل حجّته وخلفائه لوعده بالهداية ، وأنّ الله لا يضيع عباده ويتركهم سدى ؛ وذلك لما تقرّر من أنّه لا يجوز خلوّ زمن الغيبة عن الحجّة ؛ للأحاديث الكثيرة الدالّة على أنّه لا بدّ في كلّ زمان من عالم يكون حجّة على الخلق ، بل نقل الشيخ سليمان الماحوزي رحمهالله عن بعض الفضلاء أنّه لا يبعد تواترها.
ومنها : ما رواه ثقة الإسلام في ( الكافي ) عن أَبي البختري ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء إلى أنْ قال فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » (٢).
ومثله روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله بإبدال : « يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدول » (٣).
فإنْ فُرضَ عدم الثقة العدل وجب الرجوع إلى الميّت ، وعدم جواز تقليده ممنوعٌ ، والكلام فيه مشهور ، ودليل المنع ضعيف.
ولو فُرضَ عدم وجود العدل في الأموات والعياذ بالله فالظاهر من الأخبار كما رواه الشيخ في ( التهذيب ) في الصحيح عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « إنّ الله فرض من الصلاة الركوع والسجود ، ألا ترى لو أنّ رجلاً دخل في الإسلام لا يحسن أنْ يقرأ القرآن أجزأه أنْ يسبّح ويصلّي » (٤). كفاية الاقتصار على الضروري ، بل الضروري منه كما قيل ، ولا يسقط التكليف للعقل والنقل.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٦٦ / ٧٥٥ ، الوسائل ٨ : ٣٠٩ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ١٠ ، ح ٢.
(٢) الكافي ١ : ٣٢ / ٢.
(٣) التفسير المنسوب للإمام العسكري عليهالسلام : ٤٧ / ٢١ ، البحار ٢٧ : ٢٢٢ / ١١.
(٤) التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٥.