التدافع ، فيجوز أنْ تكون تلك الإجماعات إجماعات محصّلة خاصّة بمحصّلها ، وهي تختلف باختلاف الأوقات في المسائل المتعدّدة ، بل في المسألة الواحدة في وقتين.
وقد يكون الإجماعان المختلفان ليسا محصّلين ، بل أحدهما مشهور والآخر محصّلٌ أو منقول وبالعكس ، ولم يثبت المحصَّل اسم مفعول عند غير المحصِّل اسم فاعل ولم يثبت المنقول عند غير المحتجّ به ، ولا ضير على مدّعي الإجماع مع وجود المخالف ، بل قد يدّعى على خلاف المشهور ، كما هو معروفٌ من كثير من آثارهم من دعوى الإجماع مع وجود المخالف إذا قام الدليل القاطع على المدّعى.
وثانيهما : أنْ يوجد قولان وهناك خبران متعارضان يجوز العمل بأيّهما من باب التسليم ، فيصحّ ادّعاء الإجماع على كلّ من القولين المستندين إلى الخبرين المتعارضين ، فيعني بإجماعه الأوّل إجماعاً مشهوراً بين جماعة عملت بأحد الخبرين ، وبالثاني إجماعاً مشهوراً بين جماعة أُخرى عملت بالثاني ، ولا ضير في ذلك ؛ لأنّ أحد الخبرين يجوز العمل به لكونه حكم الله الواقعي ، والآخر يجوز العمل به رخصة وإنْ لم يوافق الحكم الواقعي.
ويدلّ على ذلك أنّك لا ترى إجماعين مختلفين إلّا وهناك خبران مختلفان يدلّ كلّ منهما على كلّ منهما غالباً ، ولعلّ خلاف الغالب لعدم الوجدان لا الوجود. وحينئذ لا تناقض ، وإنّما يكون تناقضاً لو قلنا : إنّ مدلول كلّ من الخبرين هو الحكم الواقعي ، ولكنّا لا نقول به ، بل يكفي في جواز العمل بالأخبار كما قالوه ؛ إمّا الحكم بكون مدلول الخبر موافقاً لحكم الله في الواقع ، أو العلم بوروده عنهم عليهمالسلام ، سواء علم موافقته للحكم الواقعي أم لا.
قال بعض العلماء : ( ويعلم موافقته للحكم الواقعي بكونه مجمعاً عليه أو مخالفاً لما عليه العامّة ). انتهى.
واعتذر شهيد ( الذكرى ) على ما نقل عنه فيها عن اختلاف الإجماعات