باحتمال تسميتهم المشهور إجماعاً ، أو عدم الظفر بالمخالف حين دعوى الإجماع ، أو بتأويل الخلاف على وجه يمكن مجامعته دعوى الإجماع وإنْ بعد ، أو إرادتهم الإجماع على روايته بمعنى تدوينه في كتبهم منسوباً لأئمّتهم (١).
أقولُ : في الاعتذار باحتمال تسميتهم المشهور إجماعاً أو عدم الظفر بالمخالف نظرٌ ؛ لأنّ الأول يفضي إلى كون اعتمادهم على مجرّد الشهرة لا غير ، وهم إنّما يريدون به ما يتحقّق باتّفاق جماعة يعلم دخول قول المعصوم في قولهم قطعاً.
ولأنّ الثاني ليس على ما ينبغي ، فإنّه قد يكشف عن دخول المعصوم فيتحقّق الإجماع حينئذ ، وما قاله وإن أمكن في بعض الأفراد لكن لا يحمل عليه ما هو كثير الوقوع ، فالأوْلى حمله على ما مرّ قريباً ، فليلاحظ.
ونقل فقيه ( الحدائق ) عن المحدّث السيّد نعمة الله الجزائري عن بعض مشايخه وجه العذر عن اختلافهم في الإجماعات بما ملخّصه :
( أنّ الأُصول التي كان عليها المدار كانت بأيديهم ، وإنّما حدث فيها التلف من زمن ابن إدريس ، وكانوا بملاحظة ما اشتمل عليه جميعها أو أكثرها من الأحكام يدّعون عليه الإجماع.
وربّما اختلفت الأخبار في ذلك الحكم بالتقيّة وعدمها والجواز والكراهة ، فيدّعي كلّ منهم الإجماع على ما يؤدّي إليه نظره وفهمه من تلك الأخبار بعد اشتمال أكثر تلك الأُصول أو كلّها على الأخبار المتعلّقة بما يختاره ويؤدّي إليه نظره ) (٢). انتهى.
والحاصل : أنّ هذا الاختلاف لا يضرّ ، فإنّ الخبر أكثر اختلافاً منه ، فلمّا لم يضرّ اختلاف الأخبار وتعارضها بالعمل بها وحجّيّتها ، كذلك لا يضرّ بالإجماع وحجّيّته تعارضه في بعض الأوقات ، إذ الظاهر أنّ اختلاف الإجماعات ناشئ من اختلاف الأخبار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
الثالث : أنّ السيّد المرتضى نقل الإجماع على تسع مسائل ولا قائل بها غيره.
__________________
(١) الذكرى : ٤.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٣٩ ٤٠.