وأُجيب بأنّ عدم العلم بوجدان القائل من القدماء لا يدلّ على عدم وجود القائل بها منهم ، وأيضاً فمن أين صحّ العلم بعدم القائل ؛ لانتشار العلماء في ذلك الزمان أيّ انتشار في جميع الأمصار والأقطار.
فقول السيّد في هذه التسع إنْ كان حقّا فلا بدّ من قائل بها قبله ، إلّا أنْ يكون في واقعة متجدّدة لم تقع قبل ، ولا بدّ من قائل بها بعده لئلّا يرتفع الحقّ في زمان التكليف عن أهله ، وقد قال صلىاللهعليهوآله : « لا تزال طائفة من أُمّتي على الحقّ حتى تقوم الساعة » (١).
ومن هذه التسع حكمه بوجوب رفع اليدين عند التكبير كما هو المنقول عن كتابه ( الانتصار ) الموضوع في متفرّدات الإماميّة ، وصورة عبارته المنقولة هكذا : ( وممّا انفردت به الإماميّة القول بوجوب رفع اليدين في كلّ تكبيرات الصلاة ) (٢). انتهى.
فيحتمل عدم إرادة الإجماع ، بل المراد أنّ فيهم مَنْ قال بذلك وإنْ كان واحداً ، ولم يقل بذلك أحدٌ من الجماعة ، وهذا لا يدلّ على الإجماع ، ويحتمل إرادة عدم الظفر بالمخالف ، فإنّه قد يكشف عن قول المعصوم فيتحقّق الإجماع ، أو أراد الإجماع على الرواية المتضمّنة لتلك الأحكام ، أو لعلّ الخلاف يرجع إلى وجه يمكن مجامعته لدعوى الإجماع فإنّ من هذه التسع حكمه بوجوب رفع اليدين عند التكبير ، ويحتمل إرادة المعنى اللغويّ من الوجوب وهو الثبوت ، لا أحد الأحكام الخمسة.
وقد وفّق الله للوقوف على هذا الكتاب المستطاب بعد أنْ كمل هذا الجواب بمدّة تقرب من سنة ببركة محمّد وآله الأطياب ، فرأيت أنّ طريق إجماعاته في هذا الكتاب ليس على المصطلح عليه من الأصحاب ، فإنّه جعل ما انفردت به الإماميّة أو شاركت فيه غيرها من الإجماع ، قال في ديباجته : ( وممّا يجب علمه أنّ حجّة الشيعة الإماميّة في جميع ما انفردت به أو شاركت فيه غيرها من الفقهاء من إجماعها عليه ؛
__________________
(١) غوالي اللئلئ ٤ : ٦٢ / ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥ / ١٠.
(٢) الانتصار : ١٤٧.