أقوال من اعتبر قولهم السيّد ؛ إمّا أنْ يكون دخولاً لحكم في واقعة ، أو أنّه قائل بأقرب الأحكام إلى الحكم الواقعي حتى زال أوانه.
الرابع : أنّ اتّفاق الفرقة المحقّة كملاً على حكم من الأحكام متعذّرٌ في نفسه غير معلوم ، واتّفاق جماعة من خواصّ الأئمّة عليهمالسلام على حكم من الأحكام لا يكون حجّة إلّا إذا علم أنّهم لا يفتون إلّا بسماعٍ من الإمام ، والمعلوم من تتبّع آثارهم استنادهم في الأحكام الشرعيّة إلى الظواهر القرآنيّة ، فيجوز خطؤهم في ذلك لسوء فهمهم ؛ لأنّ زرارة خالف الإمام عليهالسلام في مسألتين :
الأُولى : أنّ زرارة يعتقد عدم الواسطة بين الإيمان والكفر ؛ لقوله تعالى ( فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) (١) ، والإمام عليهالسلام مصرّح بثبوت الواسطة بينهما ؛ لقوله تعالى ( خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) (٢) .. (٣).
والثانية : أنّ زرارة يعتقد حجب الإخوة الأُمّ عمّا زاد عن السدس وإنْ لم يكونوا لأب ؛ لقوله تعالى ( فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ) (٤) (٥) ، ولم يعرف اشتراط كونهم لأب.
وأردفوا ذلك بخبر صحيفة الفرائض (٦) التي ادّعى زرارة أنّها باطلة وأنّها خلاف ما عليه الناس ، مع أنّها إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخطّ عليّ عليهالسلام.
قالوا : وهي صريحة في أنّ الإجماع قد لا يطابق قول الإمام عليهالسلام ، فإنّ قول زرارة فيها نصّ في مخالفتها لما عليه الناس كافّة عامّة وخاصّة.
وأُجيب عن قولهم : ( إنّ اتّفاق الفرقة المحقّة ) .. إلى آخره ، بعدم تعذّره ، إذ كان منشؤه الروايات المتواترة أو المحفوفة بقرائن القطع.
وعن قولهم : ( إنّ اتّفاق جماعة من خواصّ الأئمة عليهمالسلام ) .. إلى آخره ، بأنّ زرارة وأمثاله كانوا قبل تلامذة الحَكَم بن عُيَيْنَة وغيره من فقهائهم ، وكانت لهم مذاهب
__________________
(١) التغابن : ٢.
(٢) التوبة : ١٠٢.
(٣) الكافي ٢ : ٤٠٣ / ٢.
(٤) النساء : ١١.
(٥) الكافي ٧ : ٩٣ / ٧.
(٦) الكافي ٧ : ٩٤ / ٣.