فاسدة مستفادة من علومهم المبنيّة على الأُصول الفاسدة مخالفة لما عليه أئمّتهم ، كالجبر والتشبيه والتجسيم ، وبعد أنْ استبصروا رجعوا إلى الحقّ والسداد ، فما ذكروه غير قادحٍ في زرارة ، ولا في أنّه لا يفتي بشيء إلّا وهو مطابقٌ لقول إمامه.
وكيف ، وقد ورد في حقّه وحقّ غيره من الخواصّ أنّهم من أوتاد الأرض (١) ، وأنّهم فوق العدالة وتحت العصمة (٢) ، وقد ورد الأمر باتّباعهم وأخذ معالم الدين منهم (٣)؟!.
وهذا الخبر لا يعارض تلك الأخبار مع احتمال أنّ ذلك وقع في مبادئ أمره ، وأنّ الأمر باتّباعه وقع بعد تكامل صحبته ورسوخ علمه المستفاد من إمامه ، فهو حينئذ لا يخرج في فتواه عن مذهب الإمام قطعاً ، ولو ابقي على ظاهره دلّ على كفر زرارة واستلزم عدم قبول خبر رواه أبداً.
وعمّا استصرحوه من عدم مطابقة الإجماع لقول الإمام عليهالسلام لقول زرارة : ( إنّ الصحيفة خلاف ما عليه الناس ) (٤) .. إلى آخره ، بأنّ المراد بالناس المخالفون ؛ لإطلاق الناس عليهم في الأخبار ، ولا ريب في عدم حجّيّة إجماعهم لعدم الشرط ، بل فيه دلالة على حجّيّة الإجماع ، فإنّه إنّما جزم ببطلان الصحيفة لذلك. غاية الأمر أنّ هذا الإجماع الذي يقطع بمخالفته بقول الإمام عليهالسلام ليس حجّة ، ولكن زرارة لم يتنبّه له بعد لكونه جديد الإسلام.
وممّا يدلّ على إطلاق الناس عليهم في الأخبار ما في كتاب ( التوحيد ) عن زرارة ، قال : رأيت أبا جعفر عليهالسلام صلّى على ابن لجعفر صغير ، فكبّر عليه ، ثمّ قال : « إنّ هذا وشبهه لا يُصلّى عليه ، ولو لا أنْ يقول الناسُ : إنّ بني هاشم لا يُصلّون على الصغار ما صلّيتُ عليه » (٥).
__________________
(١) رجال الكشي ١ : ٣٩٨ / ٢٨٦ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ١٤.
(٢) رجال الكشي ١ : ٣٩٨ / ٢٨٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٢٦.
(٣) رجال الكشي ٢ : ٧٨٤ / ٩٣٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٣٣.
(٤) الكافي ٧ : ٩٤ / ٣.
(٥) التوحيد : ٣٩٣ / ٥.