وأمّا خامساً ، فلأنّه لا مناص من القول بالحجّيّة إذا علم دخول المعصوم فيه ، فهو كالخبر.
الثاني وهو التفصيلي ـ : ( أنّ المقبولة أوّلاً : غاية ما يستفاد منها كون الإجماع مرجّحاً لأحد الخبرين ، والنزاع في كونه دليلاً برأسه. وثانياً : بأنّ ظاهرها كون الإجماع في الرواية لا في الفتوى كما هو المطلوب ) (١).
والجواب على التفصيل أيضاً :
أمّا عن الأوّل ، فلأنّا لمّا شرطنا في حجّيّته دخول قول المعصوم ، فلا فرق بينه وبين الخبر في كونه مرجّحاً ، وهو دليل مستقلّ ، كما أنّ الخبر يكون كذلك.
وأمّا عن الثاني ، فسيأتي في بحث الإجماع المشهوري على أنّه عامّ ولا مخصّص ، ولا تخصيص بغير مخصّص ، ولا فرق بين الزمانين ، إلّا إنّ الأوائل إذا أفتوا نقلوا نفس الرواية ومتنها وسندها ، والأواخر ينقلون مضمونها كالجواز وعدمه والوجوب وعدمه ، وهذا لا يصلح مخصّصاً.
نعم ، يحسن التفصيل بين ما إذا كان الفتوى مطابقة للكتاب والسنّة أو لا ، فإنْ كان الأوّل قُبل ، وإنْ كان الثاني رُدّ ، وقد تقرّر أنّ علماء الإماميّة لا يفتون بما ينشأ من القياسات والاستحسانات والآراء الرديئة كما هو المعروف من مصنّفاتهم أُصولاً وفروعاً.
قال العلّامة في ( التذكرة ) نقلاً عنه ـ : ( إنّي صنّفت هذا الكتاب في فروع الإماميّة الذين أخذوا فروعهم عن الأئمّة المعصومين ، لا بالرأي والقياس ولا باجتهاد الناس ) (٢).
وقال في ( منهاج الكرامة ) في الاستدلال على وجوب اتّباع مذهب الإماميّة : ( وأخذوا الأحكام الفرعيّة عن الأئمة المعصومين الناقلين عن جدّهم رسول الله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ٣٨. باختلاف يسير.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٤.