وإذ قد تقرّرت الحجّيّة بالأدلّة الواضحة الجليّة ، فحجّيّته عندنا معاشر الإماميّة الاثني عشريّة لكشفه عن دخول المعصوم عليهالسلام في أقوال المجمعين.
ولم يرتضه بعض العلماء من متأخّري متأخّري المتأخّرين ، فقال : ( وحجّيّته لكونه مطابقاً لقول المعصوم عليهالسلام لا لكشفه عن دخول قول المعصوم عليهالسلام في جملة أقوال المجمعين ) (١).
ولا يخفى على اللبيب أنّ التعبير بالكشف أوْلى منه بالمطابقة ؛ لأنّ المطابقة لا تستلزم الدخول ، فيكون قوله عليهالسلام ليس داخلاً في قولهم ، وأنّ قولهم ليس من قوله وإنما هو مطابق لقوله ، بخلاف الكشف فإنّ قولهم يكون نفس قوله ، ولنا في بيان الكشف وجوهٌ :
الأوّل : اجتماع علماء هذه الفرقة على قول ، فإذا حصل فهو قول الإمام المعصوم ؛ لأنّه سيّدها وعميدها ، ولا يجوز له إهمالهم فيجمعوا على الخطأ وتنتفي فائدة البقاء.
الثاني : ما تواتر من « أنّ زمان التكليف لا يخلو عن حجّة كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهُمْ ، وإنْ نقصوا أتمّه لهم ، ولو لا ذلك لاختلط على الناس أمرهم » (٢).
فلو وجد في الإماميّة قولٌ ولم يعرف له دليلٌ ولا مخالفٌ أيضاً ولم تعرف نسبته إلى الإمام ، علم أنّه قولُ الإمام ومختاره ؛ لأنّه لو لم يكن قوله لوجب عليه إظهار خلاف ما أجمعوا عليه لو لم يكن حقاً ، فلمّا لم يُظهر ظهر أنّه حقّ ، وإلّا لقبح التكليف الذي ذلك القول لطفٌ فيه ، ولزم ارتفاع الحقّ عن أهله والاجتماع على الخطأ ، وقد قال صلىاللهعليهوآله : « لا تزال طائفةٌ من أُمّتي على الحقّ » (٣).
قال الشيخ في ( العدّة ) فيما لو اختلف الإماميّة على قولين لا يجري فيهما التخيير كالوجوب والحرمة ، وكان أحدهما قول الإمام ولم يشاركه أحدٌ من العلماء فيه ، واتّفق الجميع على الباطل ما محصّله : ومتى اتّفق وكان على المتفرّد به الإمام دليلٌ كتابي
__________________
(١) المدارك ١ : ٤٣ ، بالمعنى.
(٢) معارج الأصول ( المحقّق ) : ١٢٦.
(٣) بصائر الدرجات : ٤٨٦ / ١٠ ، بتفاوت.