اتّفقوا على بطلان الإسلام وتكذيب نبيّنا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ، وهم أكثر من أهل الإسلام أضعافاً مضاعفة لتمثيله عليهالسلام لهم بالشعرة البيضاء في الكبش الأسود (١).
ومن المعلوم أنّ إجماعهم على ما اعتقدوه ليس دليلاً على بطلان الإسلام ؛ لأنّ إجماعهم ناشٍ من دخول الشبهة عليهم ، وعدم إمعان النظر في الطرق الموجبة للقول بصحّة الإسلام.
لا يقال : لو جاز عليهم الخطأ فيما أجمعوا عليه لجاز على المتواترين الخطأ في أخبارهم ، ولو جاز لأدّى لعدم الوثوق بشيء من الأخبار ، وبطلانه بديهيّ.
لأنّا نقول : حجّيّة التواتر ليست لعدم جواز الخطأ عليهم ، بل لأنّهم نقلوا نقلاً يوجب العلم الضروريّ أو علماً لا يختلج فيه الشكّ ، فالحجّة في النقل حصول العلم بالنقل لا بمجرّد النقل.
واحتج مَنْ قال : إنّها من جهة النقل ، بقوله تعالى ( وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ ) (٢).
وجه الاستدلال : أنّ الوسط بمعنى العدل ، ولا تكون هذه حالهم إلّا وهم خيار ، قال الله تعالى ( قالَ أَوْسَطُهُمْ ) (٣) ، أي : خيرهم ، فمَنْ عدّه الله يكون معصوماً عن الخطأ ، فقوله حجّة.
وردّ بأنّ هذا يستلزم عدم صدور الخطأ عنهم مطلقاً لا في حال من الأحوال ولا زمن من الأزمان. وبطلانه ضروريّ.
فإنْ قيل : إنّ هذا مقيّد بحال اجتماعهم.
قيل : إنّه تقييدٌ من غير دليل ، على أنّ المراد ؛ إمّا الشهادة في الآخرة كما ورد في الأخبار (٤) ، وهو أنّما يستلزم العدالة عند الأداء لا التحمّل ، وإمّا في الدنيا وهو أنّما
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ : ٢٣٩٢ / ٦١٦٤.
(٢) البقرة : ١٤٣.
(٣) القلم : ٢٨.
(٤) الكافي ١ : ١٩٠ ، ١٩١ / ٢ ، ٤.