يدلّ على قبول شهادتهم ، وهو لا يستلزم حجّيّة فتواهم. فالآية متشابهة الدلالة ، فالوجه أنْ يراد بهم أئمّتنا عليهمالسلام كما ورد في تفسيرها (١) ، فيرجع إلى ما قلنا (٢).
وقوله تعالى ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً ) (٣).
وجه الاستدلال : أنّه تعالى قرن اتّباع غير سبيل المؤمنين بمشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآله في الوعيد بدخول جهنّم ، واتّباع غير سبيلهم يتحقّق بمخالفتهم قولاً وفتوى ، فيجب اتّباعهم وهو معنى حجّيّة الإجماع.
وردّ بعدم دلالتها على شيء من المدّعى لوجوه :
منها : أنّ لفظ ( سبيل ) مفرد ولا يحمل على العموم ، بأنْ يؤوّل بكلّ سبيلٍ.
لا يقال : حيث فُقِدَ دليل الخصوص يحمل على العموم ؛ لأنّه يقال : إذا فقدنا دلالة العموم نحملها على الخصوص ، ونخصّها بأهل بيت النبوّة أهل العصمة.
ومنها : أنّ ( ال ) لا تكون نصّاً في الشمول والاستغراق ، بل فيهما وغيرهما ، فالآية حينئذ مجملة ، فيحتمل أنْ يراد جميع المؤمنين ، وأنْ يراد بعضهم على السواء.
فإنْ قيل : نحملها على الجميع لفقد دلالة الخصوص.
قلنا : لنا أنْ نحملها على الأقلّ ؛ لفقد دلالة العموم ، فإذا حملت على الأقلّ فليس حملها على بعض المؤمنين بأوْلى من حملها على أئمّتنا عليهمالسلام ؛ للإجماع على عصمتهم وطهارتهم والأمن من وقوع الخطأ من جانبهم.
ومنها : أنّه يجوز أنْ يكون الوجه في أمره تعالى باتّباع سبيل المؤمنين ، لما ثبت عقلاً ونقلاً من أنّ العصر لا يخلو من إمام معصوم لا يجوز عليه الخطأ (٤) ، وإذا جاز رجع إلى ما ذهبنا إليه معاشر الإماميّة.
ومنها : أنّه تعالى رتّب الوعيد على مخالفة مَنْ كان مؤمناً ، ومن أين صحّ لهم عدم
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٩١ ، تفسير العياشي ١ : ٨٢ / ١١٢ ، الكافي ١ : ١٩١ / ٢.
(٢) القوانين : ١٧٩ ١٨٠.
(٣) النساء : ١١٥.
(٤) الكافي ١ : ١٧٨ / ٦.