خروج كلّ منهم عن هذه الصفة؟ وإذا صحّ خروجهم عن هذه الصفة خرجوا عن الصفة التي ترتّب الوعيد على مخالفتهم مع كونهم عليها.
لا يقال : لا يصحّ توعّد الله وعيداً مطلقاً على العدول عن سبيل المؤمنين إلّا وهو ممكن في كلّ حال ، ولا يصحّ كونه في حيّز الإمكان إلّا بثبوت جماعة من المؤمنين في عصر ؛ لأنّه كما توعّد على العدول عن اتّباع سبيلهم توعّد على مشاقّة الرسول ، فإذا ثبت في كلّ حال وجود المشاقّة ليصحّ الوعيد كذلك ، ثبت وجود اتّباع سبيلهم والعدول عنها.
لأنّه يقال : لا يجب من حيث توعّده تعالى وعيداً مطلقاً على العدول عن اتّباع سبيل المؤمنين ثبوت مؤمنين بهذه الصفة في كلّ عصر ، والآية أنّما اقتضت التحذير والوعيد إذا وجدوا وتمكّن من اتّباع سبيلهم وتركه.
ومن أين صحّ أنّ الوعيد على الفعل يقتضي إمكانه في كلّ حال؟ على أنّا نعلم أنّ البشارة برسول الله صلىاللهعليهوآله قد تقدّمت على لسان من تقدّم من الأنبياء لأُممهم ، وقد أمر الله تعالى الأُمم بتصديقه ، وعلّمهم صفاته وعلاماته ، وتوعّدهم على مخالفته وتكذيبه ، ولم يكن ما توعّد عليه من مخالفته وأوجبه من تصديقه واتّباعه ممكناً في جميع الأوقات ، ومانعاً من إطلاق الوعيد ، ولا مانع من كون الوعيد قد عُلّق على شرط ، كأنّه قال : ومَنْ يتّبع غير سبيل المؤمنين إذا وجدوا وحصلوا. فبهذا علم بطلان ما قرّروه ؛ لبطلان الاستدلال بقيام الاحتمال بلا إشكال.
واحتجّوا من الأخبار بما زعموا تواتره معنىً من قوله صلىاللهعليهوآله : « لا تجتمع أُمّتي على الخطأ » (١) ، وفي حديث آخر : « لم يكن الله ليجمع أُمّتي على الخطأ » (٢).
وفي حديث آخر : « كونوا مع الجماعة ، ويد الله على الجماعة » (٣).
وأُجيب بمنع دلالتها على المدّعى :
__________________
(١) (٢) عدّة الأُصول : ٢٤٤.
(٣) عدّة الأُصول : ٢٤٤ ، نهج البلاغة : خطبة ١٢٧ ، باختلاف.