ثمّ نرجع لكلام الشيخ حسن والرازي فنقول : قوله : ( الحقّ امتناع الاطّلاع ) .. إلى آخره ، ليس في محلّه من وجوه :
الأوّل : أنّه مصادرة على المطلوب ، فإنّ هذا الدليل هو المدّعى.
الثاني : أنّه أنّما يتمشّى على قول العامّة من الإحاطة بقول الكلِّ ، ونحن معاشر الإماميّة أنّما نريد به ما يكشف عن قول المعصوم ، لا كلّ ذي قول.
الثالث : أنّه يحصل العلم بإجماع جميع الشيعة من تتبّع كلماتهم وملاحظة كتبهم وعباراتهم من زمن حضور الإمام إلى هذا العام ، وهو عام السبعين بعد المائتين والألف ؛ لقضاء العادة بأنّ المتصدّين لنقل الأقوال كثير حتى أقوال سائر الفرق بين الأُمّة ، فإذا لم نطّلع على قول العالم الفلاني بالنقل من كتابه اطّلعنا عليه بالنقل عنه.
الرابع : حصول اليقين لنا ببعض المسائل مع وجود الخلاف في مقابلها ، وليس إلّا لحصول الإجماع الكاشف ، بل قيل : ولا يضرّه وجود المخالف وإن كان مجهول النسب ؛ لأنّ ذلك أنّما يضرّ بما يتوقّف حصول اليقين منه على انتفاء مجهول النسب لعدم تحقّقه إلّا بالانتفاء ، وليس ذلك دائماً ، كذا قيل.
وقد أورد بعض المحشّين على قوله : ( الحقّ امتناع إلى قوله : في زماننا ) : ( إنّ قوله : ( في زماننا ) ، إنْ كان ظرفاً للحصول (١) ، أي : يمتنع الاطّلاع على الإجماع الحاصل في زماننا وما شابهه من الأزمنة من غير جهة النقل ، إذ لا سبيل إلى العلم بقول الإمام ) (٢).
فدليله لو تمّ لدلّ على عدم حصول العلم به من جهة النقل أيضاً ؛ إذ النقل لا بدّ من انتهائه إلى مبدإ الاطّلاع حتى يحصل ابتداء ، وإذا دلّ على امتناع الاطّلاع ابتداء عُلم عدم صحّة النقل.
وإنْ جعل ظرفاً للاطّلاع ، أي : يمتنع عادة الاطّلاع في زماننا وما شابهه على
__________________
(١) في المصدر : ( ظرف لحصول ) ، بدل : ( إنْ كان ظرفاً للحصول ).
(٢) معالم الأُصول ( تعليقة سلطان العلماء ) : ٢٤٢.