الإجماع مطلقاً ، حتى على الإجماع الحاصل في عصر الصحابة والتابعين إلّا من جهة النقل ، فلا يخفى ما فيه ؛ إذ بالنظر إلى الإجماع الحاصل في عصر الصحابة وأمثاله لا فائدة في هذا الكلام ، إذ ظاهره أنّ في زماننا لا يمكن الاطّلاع على ما في العصر السابق بألف سنة مثلاً إلّا بالنقل ، ولا يرتبط إليه الدليل الذي ذكره. وأمّا بالنظر إلى الإجماع الحاصل في زماننا فقد عرفت أنّه لا يستقيم استثناء النقل.
[ .. (١) ].
وقوله : ( فكلّ إجماع يدّعى ) (٢) .. إلى آخره ، كما مرّ أيضاً :
أمّا أوّلاً ، فإنّ نسبة هؤلاء الأفاضل إلى إرادتهم في الإجماع الكاشف عن رأي إمامهم ورئيسهم مجرّد الشهرة المحضة ممّا لا ينبغي نسبته إلى مَنْ هو دونهم بمراتب ، فكيف هم وهم نوّاب الأئمّة وأُمناء الأُمّة ، وحجج الله على الخلائق بعد أهل العصمة؟!.
نعم ، لا نمنع عنهم تطرّق الغفلة واشتباه الدليل عليهم ، وهذا لا يوجب بطلانه في كلّ حال.
وأمّا ثانياً ، فإنّه أنّما تجوّز في تسمية المشهور إجماعاً المتأخّرون جمعاً لاختلاف الإجماع ، وأمّا المتقدّمون فلا يطلقون الإجماع على غير الإجماع.
وقول الرازي : ( الإنصاف ) (٣) .. إلى آخره ، خطأٌ محضٌ وكذبٌ بحتٌ ، بل الإنصاف لو كان يسمع أو يعقل ، أنّ ما يجزم به من أحكامِ مذهبه بأنّه من حكم إمامه لا يشكّ فيه ، مع أنّه لم يحط بقول جميع مَنْ يعتبر قوله من أهل مذهبه ، لتفرّقهم في الأمصار وانتشارهم في الأقطار مع تأخّره عن الصحابة والتابعين ، بل تابعيّ التابعين ، وما ذاك إلّا أثر الإجماع ، وإنّما لم يحسّ به لجموده على عدم حصوله ممّا تأخّر عن زمن الصحابة إلّا من جهة النقل ، بناءً على طريقته.
__________________
(١) توجد في المخطوط كلمات غير مقروءة.
(٢) معالم الأُصول : ٢٤٢.
(٣) عنه في معالم الأُصول : ٢٤٢ ٢٤٣.