يخالف إجماعاً.
هذا إذا دلّ الدليل على انحصار الحقّ في أحدهما ، فلو لم يكن مع أحدهما دليل قاطعٌ لم يتعيّن اتّباع أحدهما ، بل إذا أدّاه الدليل إلى قول ثالث تعيّن العمل عليه حينئذ ؛ لعدم تحقّق الإجماع المركّب حينئذ ؛ وإلّا لحصل القطع بأحد القولين أو كليهما ، والتماس دليل غيرهما على ذلك ، كما فعله أبو الحسن الشيخ سليمان الماحوزي في المخالف ، فإنّه في رسالته الصلاتية قال بالطهارة مع قوله بالكفر ، وهو مستلزمٌ لخرق الإجماع ؛ لأنّ الأُمّة إمّا على الإسلام والطهارة أو الكفر والنجاسة ، فالقول بالكفر والطهارة خرقٌ للمركّب ، وما ذاك إلّا لعدم وضوح الدليل أو عدم تحقّق الإجماع ، وإلّا فلا يجوز مخالفة الأصحاب والإجماع بسيطاً أو مركّباً إلّا بعد ظهور الدليل القطعي كما هنا على حكمه ، وفقده على خلاف حكمه.
فإنْ قلت : كلام الشهيد الثاني في ( المسالك ) صريحٌ في جواز المخالفة لا مطلقاً ، وهذا يلزم منه خرق الإجماع البسيط والمركّب ، قال فيه عند قول الماتن : ولو أوصى له بأبيه فقبل الوصيّة انعتق عليه إجماعاً ما معناه : الإجماع أنّما يكون حجّة مع تحقّق دخول قول المعصوم في جملة أقوال المجمعين ، ودخول قوله في جملة أقوالهم في هذه المسألة وأمثالها من المسائل النظريّة غير معلوم.
ثمّ نقل كلام المحقّق في أوّل ( المعتبر ) المتقدّم مضمونه مستشهداً به ، ثمّ قال : ( وبهذا يظهر جواز مخالفة الفقيه المتأخّر لغيره من المتقدّمين في المسائل التي ادّعوا عليها الإجماع إذا قام له الدليل على خلافهم ) (١) .. إلى آخره.
قلنا : إنّما قال هذا في الموضع الذي دلّ الدليل فيه على عدم تحقّق الإجماع المدّعى ولم يدلّ على خلاف حكمه ، وأمّا إذا دلّ الدليل على خلاف حكمه ولم يدلّ على عدم تحقّقه فلا يقول به أحدٌ من الأصحاب ، حتى هو قال في ( المسالك ) أيضاً في قول الماتن : المرأة المطلّقة إذا تزوجها الأجنبي ثمّ طلّقها وتزوّجها الأوّل ،
__________________
(١) مسالك الأفهام ٦ : ٢٩٨ ٢٩٩.