تزال طائفةٌ من أُمّتي على الحقّ حتى تقوم الساعة » (١) ، ولا قوله عليهالسلام : « كيما إنْ زاد المؤمنون ردّهم » (٢).
لأنّه يقال : يعلم ذلك باستفراغ الوسع وكثرة التفتيش ؛ لأنّ مَنْ كان من أهل الاستنباط والاستيضاح إذا بذل جهده واستفرغ وسعه في التفتيش لا بدّ أن يقع على ما يتأدّى به ما يراد منه ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق أو سقوط التكليف ، وأيضاً يعلم سكوت الباقين بما مرّ من عدم جواز إخلال الإمام عليهالسلام بالواجب ، ولا يجعل عليهالسلام نائباً عنه ويهمل ما يحتاج إليه مع علمه به وتمكّنه منه.
ولأنّ الطالب المستنبط إذا جلس ومعه كتب العلماء السابقين من شرق الأرض وغربها ، وقد علم أنّهم بحثوا وفتّشوا وتصدّوا لنقل الأقوال والخلاف وألّفوا الكتب المشتملة على خلاف العلماء ، كأنّه مع مصنّفيها ، كلّ منهم يورد عليه ما عثر عليه ، ويحرّر له ممّا صحّ لديه ، فكيف يخفى عليه قول معتبرٌ؟! وبهذا قد ظهر كون السكوتي إجماعاً وحجّة ، والعلم عند الله وأوليائه.
البحث الثامن : ذكروا أنّه يمكن حصول ما هو في صورة الإجماع في صور :
الاولى : أنْ نرى فتوى الصدُوقَين والشيخين والكلينيّ والسيّد وأضرابهم في حكم ولم نَرَ به نصّاً ، فهذا الاتّفاق حجّة ؛ لأنّ اتّفاقهم لا يكون إلّا عن نصّ قاطع ، لما عُلم من طريقهم ، وإلّا لَمَا اتّفقوا على مثله.
الثانية : أنْ يرد الحديث ويتكرّر في الأُصول ولا معارض له فيجب العمل به ؛ لأنّه مجمعٌ على قبوله.
الثالثة : أنْ يرد حديثان ويعمل بأحدهما القدماء دون الثاني ، فيجب العمل به ؛ لأنّ عملهم كاشفٌ عن كون الثاني مورد التقيّة ، وأمّا الأوّل فهو كاشفٌ عن حكم الله الواقعي.
__________________
(١) غوالي اللئلئ ٤ : ٦٢ / ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥ / ١٠.
(٢) الكافي ١ : ١٧٨ / ٢.