النصّ الخاصّ أو العامّ لا ظنّ المجتهد. ومعلومٌ أنّ القدماء أخباريّون كما صرّح به البهائي في مشرقه (١) ، ونقل عن العلّامة التصريح به.
إلّا إنّهم كما قيل يسمّون الاستدلال بالأخبار وترجيح بعضها على بعضٍ للقرائن التي تظهر لهم في الصحّة وعدمها على الاصطلاح القديم اجتهاداً ، حتى إنّ البهائي رحمهالله سلك بجدّ هذا الاصطلاح الذي أغنى في بيان حقّيّته الصباح عن المصباح ، حيث نُقل عنه أنّه عبّر عن الصدوق ببعض المجتهدين مع أنّه رئيس المحدّثين.
وحيث تقرّر معنى الاجتهاد فقد زال غيهب الإشكال واتّضح فجر الحال ، لما تقرّر من أنّ هذا المسمّى بالمجتهد اجتهاداً لغويّاً أنّما ينقل الحكم لذلك المستفتي عن المعصوم عليهالسلام ، فهو ليس مقلِّداً له ، بل آخذاً بقول المعصوم المنقول إليه من الثقة ، وقد قالوا عليهمالسلام : « لا يسع أحدٌ من موالينا التشكيكَ فيما يرويه عنّا ثقاتنا ».
كما رواه الكشّيّ عن علي بن محمّد بن قتيبة ، عن أحمد بن إبراهيم المراغيّ ، قال :
ورد توقيع يعني : من المهدي عليهالسلام على القاسم بن العلاء ، وذكر توقيعاً شريفاً يقول فيه : « فإنّه لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنّا نفاوضهم سرَّنا ، ونحمِّلهم إيّاه » (٢).
وقعت ألفاظ الحديث منّي ، فرويت الحديث بالمعنى ، ولا بأس به لصحيح محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أسمع الحديث منك ، فأزيد وأنقص ، قال : « إن كنت تريد معانيه فلا بأس » (٣).
وروى الشيخ في ( الغيبة ) عن أبي محمّد الحسن بن علي عليهماالسلام ، وقد سئل عن كتب ابن فضّال ، فقال عليهالسلام : « خذوا بما رووا ، ودعوا ما رأوا » (٤).
ومن الواضح البيّن والواجب المبيّن أنّه لا يجوز توهّم الخطأ للإمام ؛ لثبوت
__________________
(١) مشرق الشمسين : ٢٩ ٣٠.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٨١٦ / ١٠٢٠ ، بتفاوتٍ يسيرٍ.
(٣) الكافي ١ : ٥١ / ٢ ، الوسائل ٢٧ : ٨٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨ ، ح ٩.
(٤) الغيبة : ٣٨٩ / ٣٠٠.