وباللغة يعرف معاني مفردات الألفاظ ، وبأُصول الفقه يعرف الحقيقة والمجاز ، والترادف والاشتراك ، والمنطوق والمفهوم ، والخصوص والعموم ، والإطلاق والتقييد ، والإجمال والبيان ، وأحوال الأمر والنهي.
وبالرجال يعرف صحّة الحديث وضعفه ، وصحّة الراوي وضعفه ، ولو على بعض الوجوه ، وإلّا فالكتب الأربعة لا تحتاج إلى ذلك.
وبالتفسير للآيات الأحكاميّة يعرف ناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، واستنباط الأحكام من ألفاظها الظاهرة في معانيها اللغويّة.
وبعلم الحديث المتعلّق بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة يعرف مداركها. قال : ويكفي الرجوع إلى كتاب مصحّح من كتب الحديث ، وأحسنها ( الوسائل ).
وبالفقه يعرف الفروع التي لا يكاد يحصل العلم بجلّ الأحاديث ومحالّها بدون ممارسة فروعه.
ثمّ قال ما محصّله : وما سوى هذه العلوم غير محتاج إليها ، بل تضييع العمر في الاهتمام بها مخالفٌ للسداد. نعم ، يحتاج إلى علم الكلام في معرفة صدق الرسول والأئمّة ، فإذا ثبت صدقهم وعملنا بقوله تعالى ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) لم يحتج إلى علم الكلام ، بل لم يجز العمل به عند مخالفته لأحاديثهم في الأُصول والفروع.
وقولهم : ( إنّ ردَّ الفروع إلى أُصولها يحتاج إلى إقامة البرهان ، وتصحيحه لا يتمّ بدون علم الميزان ) ، لا يقبله مَنْ قصر علومه على مناطيق الأخبار ومفاهيمها الواضحة ، بل لا يجوّزه.
وأمّا علم المعاني والبيان والبديع فظاهر أنّ فهم معاني الألفاظ والعبارات لا يتوقّف عليها ؛ لأنّه لا يبحث فيها إلّا عن الزائد على أصل المعنى المراد ، وإذا كان أكثر أحاديثنا منقولة بالمعنى لم يكن للترجيح بالفصاحة والأفصحية معنىً. انتهى.
__________________
(١) النساء : ٥٩.