أقول : أمّا اشتراط العلم بمعرفة مواضع الخلاف والإجماع والعلم بالتفسير ، فلا بأس به لورودها في الأخبار المذكورة ، والظاهر من الأخبار عدم الفرق بين آيات الأحكام الخمسمائة وغيرها كما لا يخفى على المتتبّع ، وظاهر بعض الفقهاء وصريح آخرين تخصيصه بالآيات الأحكاميّة.
لكن أُورد على هذين الشرطين أنّ مَنْ التزم الفتيا باليقين دون التخمين لا يحتاج إلى ذلك ، إذ لا تعارض بين القطعيّين ، وهو واردٌ على الشرط الأوّل.
وفيه : أوّلاً : أنّه اجتهاد محض في مقابلة النصّ.
وثانياً : أنّه لا مانع من وجود خبر أو فتوى مخالفين لما أجمع عليه الإماميّة ، أو أجمعت على تركهما.
وثالثاً : أنّه أحد المرجّحات فيجب معرفته ليتأتّى الترجيح.
وما أُورد به على الشرط الثاني هو أنّ معرفة الأخبار كافية في البيان ؛ لانحصار تفسير القرآن في قولهم عليهمالسلام.
وفيه : أنّه إنْ أُريد أنّ علم التفسير يكفي عنه معرفة الأخبار ؛ لأنّ منها ما هو مشتملٌ على بيان الآيات ، ففيه : أنّ الخبر إذا كان مشتملاً على معنى الآية فذاك هو التفسير ، فثبت المطلوب. وإنْ أُريد أنّ القرآن غير محتاج إليه ؛ لأنّ السنّة كافية عنه ، ففيه : أنّ هذا وإنْ مال إليه بعض ، إلّا إنّه بعيد مطلقاً ؛ لأنّه المنزَّلُ تبياناً لكلّ شيء ، والموصى بالتمسّك به ، وأنّ من تمسّك به لن يضلّ أبداً.
وأمّا علم الرجال فإنّما تظهر ثمرته لو قيل بعدم صحّة جميع الأخبار التي بين أيدينا ، لكن الواقع خلافه ، وكأنّ في قوله : ( ولو على بعض الوجوه ) إشارة إليه ، والظاهر أنّ المراد ببعض الوجوه حال التعارض.
وأمّا الفقه والحديث فلا أرى وجهاً لجعل كلٍّ منهما قسماً على حدة ، بل الظاهر الاستغناء بالحديث المتعلّق بالأحكام عن علم الفقه ؛ لأنّ تلك الفروع ؛ إمّا أنْ تكون مأخوذة من الخبر أو لا ، فإنْ كان الأوّل فالمعني بتلك الرتبة لا بدّ أنْ يكون له قوّة على