استنباط ذلك الفرع من الأصل وهو الخبر ، وإلّا لم يكن نائباً. وإنْ كان الثاني فلا عبرة به ، بل الواجب خلافه.
وأمّا علم الكلام فالمقصود منه معرفة الله وصدق الرسول وإمامة الأئمّة ، وهو مشترك بينه وبين سائر المكلّفين ، على أنّ المعرفة فطرية كما استفاضت به الأخبار المعصوميّة ، وما في الآيات والروايات منه كافٍ لذي الرواية ، ولا حاجة إلى الاطّلاع على ما حقّقه المتكلّمون من أحكام الجواهر والأعراض ومعرفتهما ، وما اشتملت عليه كتبهم من المقدّمات والاعتراضات وأجوبة الشبهات.
وأمّا علم الميزان فقد تقدّم أنّه لا يقبله مَنْ قصر علمه على مناطيق الأخبار ، بل لا يجوّزه.
وأمّا قول بعضهم : ( إنّ ردّ الفروع إلى أُصولها مفتقر إلى علم الميزان ) فهو كلامٌ خال عن البرهان ساقط عن الميزان ؛ لأنّه أنّما كان من علوم اليونان كما اعترف به جملة من الأعيان ، وحاشا أنْ يتمّ به دين الديان ؛ ولأنّه لو كان محتاجاً إليه لعلّمه الأئمّةُ شيعتَهم كما علّموهم ما يحتاج إليه في الفقه كالقياس بأنواعه والإجماع وغيرهما ؛ لأنّهم لا ينكرون علم الأئمّة به.
وأمّا ما ادّعوه من كونه عاصماً للأذهان فيكذِّبه الوجدان ؛ لأنّ كلّاً من المتنازعين يستدلّ بإشكاله على حقّ وباطل ، مع اعترافهم بوجود القضايا الكاذبة فيه ، ولا يكفي اشتراطهم في الإنتاج تسليم المقدّمات ؛ لأنّ كلّاً من المتنازعين لا يسلّم دعوى الثاني فيتوقّف على إثباتها من دليل آخر ، فيكون ذلك الشكل المستدلّ به كالحكم المحتاج إلى دليل لا هو نفس الدليل.
ولا يجدي ما قاله البعض من أنّه كالقرآن ؛ لأنّه يُستدلّ به على الحقّ والباطل ، فكما لا يضرّ هذا بالقرآن لا يضرّ بعلم الميزان ؛ لأنّا نقول : أين الحقّ من الباطل؟ وأين المطوّق من العاطل؟ لأنّ هذا الوجه في القرآن أنّما كان لاشتماله على الظهور والبطون ، والمحكم والمتشابه ، وقد جعل عليه ربّه حفظةً وبوّاباً ورعاةً ونوّاباً ، فمَنْ