ومثله ما نقل عن الشهيد الثاني في ( الاقتصاد ) حيث قال ما حاصله : ( قد ادُّعي توقّف الفقه على المقدّمات الست ، فأوجبوا معرفتها ، ولا دليل عليه ، بل هو على خلافه ، فإنّ متقدّمينا أرباب الصدارة والفضل والمهارة لم يعوّلوا على شيء منه ، مع أنّه بمرأى ومسمع ، وما ذاك إلّا لأنّ هذه المقالة من متفرّدات مخالفيهم ، مع أنّ الكلام ممّا لا حاجة بالآخرة إليه ؛ لأنّ دليل المعرفة فطري وما في الآيات والروايات كافٍ.
وأمّا المنطق ، فإنّما دوّن من كتب اليونانيّين مع ورود النهي عن تعلّم الكلام ، فإذا سكتنا عن التحريم فاسكتوا عن الإيجاب ، إذ لا أقلّ من ضعف الإباحة ) انتهى. وهو كافٍ لمَنْ خلع رِبْقة التقليد وألقى السمع وهو شهيد.
ثمّ إنّ المعتبر من النحو والصرف ما يختلف المعنى باختلافه ويحصل بسببه معرفة المراد لا استقصاؤه على الوجه التامّ.
ومن اللغة ما يتوقّف عليه معرفة معاني ألفاظ الكتاب والسنّة ، واكتفوا فيه بالرجوع إلى أصل صحيح مشتمل على معاني الألفاظ المتداولة في ذلك ، كالصحاح للجوهري ، وقاموس الفيروزآبادي ، ومجمع الفخري.
ومن الأُصول ما يعرف به أحوال الكتاب والسنّة ؛ من الأمر والنهي ، والعموم والخصوص ، والإطلاق والتقييد ، والحقيقة والمجاز ، والإضمار والاشتراك ، والإجمال والبيان.
ومن القرآن وتفسيره ما يتعلّق بالأحكام ، ويتوقّف على معرفة الناسخ والمنسوخ ، وهو خمسمائة آية.
قيل : ولا يلزمه حفظها ، بل يكفي العلم بمواضعها بحيث لو احتاج إلى آية أمكنه تحصيلها ، ولو في أصل صحيح يشتمل على ما فيها من الأحكام.
ويكفي من معرفة مواضع الإجماع والخلاف أنْ يعلم أنّ ما يفتي به لا يخالف الإجماع ؛ إمّا بأنْ يعلم موافقته لبعض المتقدّمين ، أو بغلبة ظنّه على أنّه واقعة